الباحث القرآني
(p-١٤١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعَلى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ﴾ وقَرَأ الحَسَنُ، والأعْمَشُ: "ظُفُرٍ" بِسُكُونِ الفاءِ؛ وهَذا التَّحْرِيمُ تَحْرِيمُ بَلْوى وعُقُوبَةٍ.
وَفِي ذِي الظُّفُرِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ ما لَيْسَ بِمُنْفَرِجِ الأصابِعِ، كالإبِلِ، والنَّعامِ، والإوَزِّ، والبَطِّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ.
والثّانِي: الإبِلُ فَقَطْ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والثّالِثُ: كُلُّ ذِي حافِرٍ مِنَ الدَّوابِّ، ومِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. قالَ: وسُمِّيَ الحافِرُ ظُفُرًا عَلى الِاسْتِعارَةِ؛ والعَرَبُ تَجْعَلُ الحافِرَ والإظْلافَ مَوْضِعَ القَدَمِ، اسْتِعارَةً؛ وأنْشَدُوا:
؎ سَأمْنَعُها أوْ سَوْفَ أجْعَلُ أمْرَها إلى مَلِكِ أظْلافُهُ لَمْ تُشَقَّقِ
(p-١٤٢)أرادَ قَدَمَيْهِ؛ وإنَّما الأظْلافُ لَلشّاءِ والبَقَرِ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الظُّفْرُ هاهُنا، يَجْرِي مَجْرى الظُّفْرِ لِلْإنْسانِ. وفِيهِ ثَلاثُ لُغاتٍ. أعْلاهُنَّ: ظُفُرٌ؛ ويُقالُ: ظُفْرٌ، وأُظْفُورٌ. وقالَ الشّاعِرُ:
؎ ألَمْ تَرَ أنَّ المَوْتَ أدْرَكَ مَن مَضى ∗∗∗ فَلَمْ يَبْقَ مِنهُ ذا جَناحٍ وذا ظُفْرٍ
وَقالَ الآَخَرُ:
؎ لَقَدْ كُنْتَ ذا نابٍ وظُفُرٍ عَلى العِدى ∗∗∗ فَأصْبَحْتَ ما يَخْشَوْنَ نابِي ولا ظُفْرِي
وَقالَ الآَخَرُ:
؎ ما بَيْنَ لُقْمَتِهِ الأُولى إذا انْحَدَرَتْ ∗∗∗ وبَيْنَ أُخْرى تَلِيها قَيْدَ أُظْفُورِ
وَفِي شُحُومِ البَقَرِ والغَنَمِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ إنَّما حَرَّمَ مِن ذَلِكَ شُحُومَ الثُّرُوبِ خاصَّةً، قالَهُ قَتادَةُ.
والثّانِي: شُحُومَ الثُّرُوبِ والكُلى، قالَهُ السُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ.
والثّالِثُ: كُلُّ شَحْمٍ لَمْ يَكُنْ مُخْتَلِطًا بِعَظْمٍ، ولا عَلى عَظْمٍ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. وفي قَوْلِهِ: ﴿إلا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ ما عَلَقَ بِالظَّهْرِ مِنَ الشُّحُومِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: الإلْيَةُ، قالَهُ أبُو صالِحٍ، والسُّدِّيُّ. والثّالِثُ: ما عَلَقَ بِالظَّهْرِ والجَنْبِ مِن داخِلِ بُطُونِهِما، (p-١٤٣)قالَهُ قَتادَةُ. فَأمّا الحَوايا، فَلِلْمُفَسِّرِينَ فِيها أقْوالٌ تَتَقارَبُ مَعانِيها. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وابْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ قُتَيْبَةَ: هي المَباعِرُ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: هي بَناتُ اللَّبَنِ، وهي المَرابِضُ الَّتِي تَكُونُ فِيها الأمْعاءُ. وقالَ الفَرّاءُ: الحَوايا: هي المَباعِرُ، وبَناتُ اللَّبَنِ. وقالَ الأصْمَعِيُّ: هي بَناتُ اللَّبَنِ، وأحَدُها: حاوِياءُ، وحاوِيَةٌ، وحَوِيَّةٌ.
قالَ الشّاعِرُ: أقْتُلُهم ولا أرى مُعاوِيَةَ الجاحِظَ العَيْنِ العَظِيمَ الحاوِيَةِ
وَقالَ الآَخَرُ: كَأنَّ نَقِيقَ الحُبِّ في حاوِيائِهِ فَحِيحُ الأفاعِي أوْ نَقِيقُ العَقارِبِ
وَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الحَوايا: ما تَحْوِي مِنَ البَطْنِ، أيْ: ما اسْتَدارَ مِنها. وقالَ الزَّجّاجُ: الحَوايا: اسْمٌ لَجَمِيعِ ما تَحْوِي مِنَ البَطْنِ فاجْتَمَعَ واسْتَدارَ، وهي بَناتُ اللَّبَنِ، وهي المُباعِرُ، وتُسَمّى: المَرابِضُ، وفِيها الأمْعاءُ:
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ شَحَّمُ البَطْنِ والإلْيَةِ، لِأنَّهُما عَلى عَظْمٍ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّانِي: كُلُّ شَحْمٍ في القَوائِمِ، والجَنْبِ، والرَّأْسِ، والعَيْنَيْنِ، والأُذُنَيْنِ، فَهو مِمّا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. واتَّفَقُوا عَلى أنَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُها حَلالٌ، (p-١٤٤)بِالِاسْتِثْناءِ مِنَ التَّحْرِيمِ. فَأمّا ما حَمَلَتِ الحَوايا، أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، فَفِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ داخِلٌ في الِاسْتِثْناءِ، فَهو مُباحٌ؛ والمَعْنى: وأُبِيحَ لَهم ما حَمَلَتِ الحَوايا مِنَ الشَّحْمِ وما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، هَذا قَوْلُ الأكْثَرِينَ.
والثّانِي: أنَّهُ نَسَقٌ عَلى ما حُرِّمَ، لا عَلى الِاسْتِثْناءِ؛ فالمَعْنى: حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما، أوِ الحَوايا، أوْ ما اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، إلّا ما حَمَلَتِ الظُّهُورِ، فَإنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ. قالَهُ الزَّجّاجُ. فَأمّا "أوِ" المَذْكُورَةُ هاهُنا، فَهي بِمَعْنى الواوِ، كَقَوْلِهِ: ﴿آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ [الدَّهْرِ:٢٤] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ جَزَيْناهُمْ﴾ أيْ: ذَلِكَ التَّحْرِيمُ عُقُوبَةٌ لَهم عَلى بَغْيِهِمْ.
وَفِي بَغْيِهِمْ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ قَتْلُهُمُ الأنْبِياءَ، وأكْلُهُمُ الرِّبا. والثّانِي: أنَّهُ تَحْرِيمُ ما أُحِلَّ لَهم.
{"ayah":"وَعَلَى ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ حَرَّمۡنَا كُلَّ ذِی ظُفُرࣲۖ وَمِنَ ٱلۡبَقَرِ وَٱلۡغَنَمِ حَرَّمۡنَا عَلَیۡهِمۡ شُحُومَهُمَاۤ إِلَّا مَا حَمَلَتۡ ظُهُورُهُمَاۤ أَوِ ٱلۡحَوَایَاۤ أَوۡ مَا ٱخۡتَلَطَ بِعَظۡمࣲۚ ذَ ٰلِكَ جَزَیۡنَـٰهُم بِبَغۡیِهِمۡۖ وَإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











