الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ﴾ نَبِّهْهم بِهَذا عَلى أنَّ التَّحْرِيمَ والتَّحْلِيلَ، إنَّما يَثْبُتُ بِالوَحْيِ. وقالَ طاوُسٌ، ومُجاهِدٌ: مَعْنى الآَيَةِ: لا أجِدُ مُحَرَّمًا مِمّا كُنْتُمْ تَسْتَحِلُّونَ في الجاهِلِيَّةِ إلّا هَذا. والمُرادُ بِالطّاعِمِ: (p-١٤٠)الآَكِلِ. ﴿إلا أنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ أيْ: إلّا أنْ يَكُونَ المَأْكُولُ مَيْتَةً. قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَمْزَةُ: "إلّا أنْ يَكُونَ" بِالياءِ، "مَيْتَةً" نَصْبًا. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ: "إلّا أنْ تَكُونَ" بِالتّاءِ، "مَيْتَةٌ" بِالرَّفْعِ؛ عَلى مَعْنى: إلّا أنْ تَقَعَ مَيْتَةٌ، أوْ تَحْدُثَ مَيْتَةٌ. "أوْ دَمًا مَسْفُوحًا" قالَ قَتادَةُ: إنَّما حُرِّمَ المَسْفُوحُ، فَأمّا اللَّحْمُ إذا خالَطَهُ دَمٌ، فَلا بَأْسَ بِهِ. قالَ الزَّجّاجُ: المَسْفُوحُ: المَصْبُوبُ. وكانُوا إذا ذَكُّوا يَأْكُلُونَ الدَّمَ كَما يَأْكُلُونَ اللَّحْمَ. والرِّجْسُ: اسْمٌ لِما يُسْتَقْذَرُ، ولِلْعَذابِ أوْ فِسْقًا المَعْنى: أوْ أنْ يَكُونَ المَأْكُولُ فِسْقًا. ﴿أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ أيْ: رُفِعَ الصَّوْتُ عَلى ذَبْحِهِ بِاسْمٍ غَيْرِ اللَّهِ، فَسَمّى ما ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ فِسْقًا؛ والفِسْقُ: الخُرُوجُ مِنَ الدِّينِ. * فَصْلٌ اخْتَلَفَ عُلَماءُ النّاسِخِ والمَنسُوخِ في هَذِهِ الآَيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّها مُحْكَمَةٌ. ولِأرْبابِ هَذا القَوْلِ في سَبَبِ إحْكامِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها خَبَرٌ، والخَبَرُ لا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ. والثّانِي: أنَّها جاءَتْ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ سَألُوهُ؛ فَكانَ الجَوابُ بِقَدْرِ السُّؤالِ، ثُمَّ حَرَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ ما حَرَّمَ. والثّالِثُ: أنَّهُ لَيْسَ في الحَيَوانِ مُحَرَّمٌ إلّا ما ذُكِرَ فِيها. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها مَنسُوخَةٌ بِما ذُكِرَ في [المائِدَةِ] مِنَ المُنْخَنِقَةِ والمَوْقُوذَةِ، وفي السُّنَّةِ مِن تَحْرِيمِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، وكُلِّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ، ومِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وقِيلَ: إنَّ آَيَةَ [المائِدَةِ] داخِلَةٌ في هَذِهِ الآَيَةِ، لِأنَّ تِلْكَ الأشْياءَ كُلَّها مَيْتَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب