الباحث القرآني

(p-١٣٨)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ﴾ الضَّأْنُ: ذَواتُ الصُّوفِ مِنَ الغَنَمِ، والمَعِزِ: ذَواتُ الشَّعْرِ مِنها. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "المَعِزُ" بِفَتْحِ العَيْنِ. وقَرَأ نافِعٌ، وحَمْزَةُ، وعاصِمٌ، والكِسائِيُّ: بِتَسْكِينِ العَيْنِ. والمُرادُ بِالأُنْثَيَيْنِ الذَّكَرُ والأُنْثى. ﴿قُلْ آلذَّكَرَيْنِ﴾ مِنَ الضَّأْنِ والمَعْزِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكم ﴿أمِ الأُنْثَيَيْنِ﴾ مِنها: المَعْنى: فَإنْ كانَ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الذَّكَرَيْنِ، فَكُلُّ الذُّكُورِ حَرامٌ، وإنْ كانَ حَرَّمَ الأُنْثَيَيْنِ، فَكُلُّ الإناثِ حَرامٌ، وإنْ كانَ حَرَّمَ ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أرْحامُ الأُنْثَيَيْنِ، فَهي تَشْتَمِلُ عَلى الذُّكُورِ، وتَشْتَمِلُ عَلى الإناثِ، وتَشْتَمِلُ عَلى الذُّكُورِ والإناثِ، فَيَكُونُ كُلُّ جَنِينٍ حَرامًا. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: مَعْنى الآَيَةِ: ألْحَقَكُمُ التَّحْرِيمُ مِن جِهَةِ الذَّكَرَيْنِ، أمْ مِن جِهَةِ الأُنْثَيَيْنِ؟ فَإنْ قالُوا: مِن جِهَةِ الذَّكَرَيْنِ، حَرُمَ عَلَيْهِمْ كُلُّ ذَكَرٍ، وإنْ قالُوا: مِن جِهَةِ الأُنْثَيَيْنِ، حَرُمَتْ عَلَيْهِمْ كُلُّ أُنْثى؛ وإنْ قالُوا: مِن جِهَةِ الرَّحِمِ، حَرُمَ عَلَيْهِمُ الذَّكَرُ والأُنْثى. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: إنْ قالُوا: حَرُمَ الذَّكَرَيْنِ، أوْجَبُوا تَحْرِيمَ كُلِّ ذَكَرٍ مِنَ الضَّأْنِ والمَعْزِ، وهم يَسْتَمْتِعُونَ بِلُحُومِ بَعْضِ الذُّكْرانِ مِنها وظُهُورِهِ، وفي ذَلِكَ فَسادُ دَعْواهم. وإنْ قالُوا: حَرُمَ الأُنْثَيَيْنِ أوْجَبُوا تَحْرِيمَ لُحُومِ كُلِّ أُنْثى مِن ولَدِ الضَّأْنِ والمَعْزِ، وهم يَسْتَمْتِعُونَ بِلُحُومِ بَعْضِ ذَلِكَ (p-١٣٩)وَظُهُورِهِ. وإنْ قالُوا: ما اشْتَمَلَتْ، عَلَيْهِ أرْحامُ الأُنْثَيَيْنِ، فَقَدْ كانُوا يَسْتَمْتِعُونَ بِبَعْضِ ذُكُورِها وإناثِها. قالَ المُفَسِّرُونَ: فاحْتَجَّ اللَّهُ تَعالى عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الآَيَةِ والَّتِي بَعْدَها، لِأنَّهم كانُوا يُحَرِّمُونَ أجْناسًا مِنَ النَّعَمِ، بَعْضُها عَلى الرِّجالِ والنِّساءِ، وبَعْضُها عَلى النِّساءِ دُونَ الرِّجالِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أمِ الأُنْثَيَيْنِ﴾ إبْطالٌ لِما حَرَّمُوهُ مِنَ البَحِيرَةِ، والسّائِبَةِ، والوَصِيلَةِ، والحامِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿أمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أرْحامُ الأُنْثَيَيْنِ﴾، إبْطالُ قَوْلِهِمْ: ﴿ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ومُحَرَّمٌ عَلى أزْواجِنا﴾ . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: فَسِّرُوا ما حَرَّمْتُمْ بِعِلْمٍ، أيْ: أنْتُمْ لا عِلْمَ لَكم، لِأنَّكم لا تُؤْمِنُونَ بِكِتابٍ. ﴿أمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ﴾ أيْ: هَلْ شاهَدْتُمُ اللهَ قَدْ حَرَّمَ هَذا، إذا كُنْتُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِرَسُولٍ؟ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ، ومَن جاءَ بَعْدَهُ. والظّالِمُونَ هاهُنا: المُشْرِكُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب