الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أنْشَأ جَنّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّ المَعْرُوشاتِ ما انْبَسَطَ عَلى وجْهِ الأرْضِ، فانْتَشَرَ مِمّا يُعَرِّشُ، كالكَرَمِ، والقَرْعِ، والبِطِّيخِ؛ وغَيْرِ مَعْرُوشاتٍ: ما قامَ عَلى ساقٍ، كالنَّخْلِ، والزَّرْعِ، وسائِرِ الأشْجارِ.
والثّانِي: أنَّ المَعْرُوشاتِ: ما أنْبَتَهُ النّاسُ؛ وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ: ما خَرَجَ في البَرارِي والجِبالِ مِنَ الثِّمارِ، رُوِيا عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
(p-١٣٥)والثّالِثُ: أنَّ المَعْرُوشاتِ، وغَيْرَ المَعْرُوشاتِ: الكَرَمُ، مِنهُ ما عُرِّشَ، ومِنهُ ما لَمْ يُعَرَّشْ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
والرّابِعُ: أنَّ المَعْرُوشاتِ: الكُرُومُ الَّتِي قَدْ عَرَّشَ عِنَبُها، وغَيْرَ المَعْرُوشاتِ: سائِرُ الشَّجَرِ الَّتِي لا تُعَرَّشُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. والأكْلُ: الثَّمَرُ. ﴿والزَّيْتُونَ والرُّمّانَ مُتَشابِهًا﴾، قَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إذا أثْمَرَ﴾ هَذا أمْرُ إباحَةٍ؛ وقِيلَ: إنَّما قَدَّمَ الأكْلَ لَيَنْهى عَنْ فِعْلِ الجاهِلِيَّةِ في زُرُوعِهِمْ مِن تَحْرِيمِ بَعْضِها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ﴾ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو: بِفَتْحِ الحاءِ، وهي لُغَةُ أهْلِ نَجْدٍ، وتَمِيمٍ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: بِكَسْرِها، وهي لُغَةُ أهْلِ الحِجازِ، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ.
وَفِي المُرادِ بِهَذا الحَقِّ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ الزَّكاةُ، رُوِيَ عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، وابْنِ عَبّاسٍ، وسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، والحَسَنِ، وطاوُسٍ، وجابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وابْنِ الحَنَفِيَّةِ، وقَتادَةَ في آَخَرِينَ؛ فَعَلى هَذا، الآَيَةُ مَحْكَمَةٌ.
والثّانِي: أنَّهُ حَقٌّ غَيْرُ الزَّكاةِ فُرِضَ يَوْمَ الحَصادِ، وهو إطْعامُ مَن حَضَرَ، وتَرَكَ ما سَقَطَ مِنَ الزَّرْعِ والثَّمَرِ، قالَهُ عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ. وهَلْ نَسَخَ ذَلِكَ أمْ لا؟ إنْ قُلْنا: إنَّهُ أمَرُ وُجُوبٍ، فَهو مَنسُوخٌ بِالزَّكاةِ؛ وإنْ قُلْنا: إنَّهُ أمْرُ اسْتِحْبابٍ، فَهو باقِي الحُكْمِ.
فَإنْ قِيلَ: هَلْ يَجِبُ إيتاءُ الحَقِّ يَوْمَ الحَصادِ؟ فالجَوابُ: إنْ قُلْنا: إنَّهُ إطْعامُ مَن حَضَرَ مِنَ الفُقَراءِ، فَذَلِكَ يَكُونُ يَوْمَ الحَصادِ؛ وإنْ قُلْنا: إنَّهُ الزَّكاةُ، فَقَدْ ذُكِرَتْ عَنْهُ ثَلاثَةُ أجْوِبَةٍ. (p-١٣٦)أحَدُها: أنَّ الأمْرَ بِالإيتاءِ مَحْمُولٌ عَلى النَّخِيلِ، لِأنَّ صَدَقَتَها تَجِبُ يَوْمَ الحَصادِ. فَأمّا الزُّرُوعُ، فالأمْرُ بِالإيتاءِ مِنها مَحْمُولٌ عَلى وُجُوبِ الإخْراجِ؛ إلّا أنَّهُ لا يُمْكِنُ ذَلِكَ عِنْدَ الحَصادِ، فَيُؤَخَّرُ إلى زَمانِ التَّنْقِيَةِ، ذَكَرَهُ بَعْضُ السَّلَفِ.
والثّانِي: أنَّ اليَوْمَ ظَرْفٌ لِلْحَقِّ، لا لِلْإيتاءِ؛ فَكَأنَّهُ قالَ: وآَتُوا حَقَّهُ الَّذِي وجَبَ يَوْمَ حَصادِهِ بَعْدَ التَّنْقِيَةِ.
والثّالِثُ: أنَّ فائِدَةَ ذِكْرِ الحَصادِ أنَّ الحَقَّ لا يَجِبُ فِيهِ بِنَفْسِ خُرُوجِهِ وبُلُوغِهِ؛ إنَّما يَجِبُ يَوْمَ حُصُولِهِ في يَدِ صاحِبِهِ. وقَدْ كانَ يَجُوزُ أنْ يَتَوَهَّمَ أنَّ الحَقَّ يُلْزِمُ بِنَفْسِ نَباتِهِ قَبْلَ قَطْعِهِ، فَأفادَتْ الآَيَةُ أنَّ الوُجُوبَ فِيما يَحْصُلُ في اليَدِ، دُونَ ما يَتْلَفُ، ذَكَرَ الجَوابَيْنِ القاضِي أبُو يَعْلى. وفي قَوْلِهِ: ﴿وَلا تُسْرِفُوا﴾ سِتَّةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ تَجاوَزَ المَفْرُوضَ في الزَّكاةِ إلى حَدٍّ يُجْحِفُ بِهِ، قالَهُ أبُو العالِيَةَ، وابْنُ جُرَيْجٍ. ورَوى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ ثابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ صَرَمَ خَمْسَمِائَةَ نَخْلَةٍ، ثُمَّ قَسَّمَها في يَوْمٍ واحِدٍ، فَأمْسى ولَمْ يَتْرُكْ لِأهْلِهِ شَيْئًا، فَكَرِهَ اللَّهُ تَعالى لَهُ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَلا تُسْرِفُوا إنَّهُ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ﴾ .
والثّانِي: أنَّ الإسْرافَ: مَنَعُ الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ.
والثّالِثُ: أنَّهُ الإنْفاقُ في المَعْصِيَةِ، قالَهُ مُجاهِدٌ، والزُّهْرِيُّ.
والرّابِعُ: أنَّهُ إشْراكُ الآَلِهَةِ في الحَرْثِ والأنْعامِ، قالَهُ عَطِيَّةُ العَوْفِيُّ، وابْنُ السّائِبِ.
والخامِسُ: أنَّهُ خِطابٌ لَلسُّلْطانِ لِئَلّا يَأْخُذَ فَوْقَ الواجِبِ مِنَ الصَّدَقَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
والسّادِسُ: أنَّهُ الإسْرافُ في الأكْلِ قَبْلَ أداءِ الزَّكاةِ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ.
{"ayah":"۞ وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَ جَنَّـٰتࣲ مَّعۡرُوشَـٰتࣲ وَغَیۡرَ مَعۡرُوشَـٰتࣲ وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّیۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَـٰبِهࣰا وَغَیۡرَ مُتَشَـٰبِهࣲۚ كُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦۤ إِذَاۤ أَثۡمَرَ وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ یَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق