الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقالُوا ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ﴾ يَعْنِي بِالأنْعامِ: المُحَرَّماتِ عِنْدَهم، مِنَ البَحِيرَةِ، والسّائِبَةِ والوَصِيلَةِ. ولِلْمُفَسِّرِينَ في المُرادِ بِما في بُطُونِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ اللَّبَنُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ. والثّانِي: الأجِنَّةُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّالِثُ: الوَلَدُ واللَّبَنُ، قالَهُ السُّدِّيُّ، ومُقاتِلٌ. (p-١٣٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿خالِصَةٌ لِذُكُورِنا﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ: "خالِصَةً" عَلى لَفْظِ التَّأْنِيثِ. وفِيها أرْبَعَةُ أوْجُهٍ. أحَدُها: أنَّهُ إنَّما أُنِّثَتْ، لِأنَّ الأنْعامَ مُؤَنَّثَةٌ، وما في بُطُونِها مِثْلُها، قالَهُ الفَرّاءُ. والثّانِي: أنَّ مَعْنى "ما" التَّأْنِيثُ، لِأنَّها في مَعْنى الجَماعَةِ؛ فَكَأنَّهُ قالَ: جَماعَةُ ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ خالِصَةٌ، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: أنَّ الهاءَ دَخَلَتْ لَلْمُبالَغَةِ في الوَصْفِ، كَما قالُوا: "عَلّامَةً" و"نَسّابَةً" والرّابِعُ: أنَّهُ أُجْرِيَ مَجْرى المَصادِرِ الَّتِي تَكُونُ بِلَفْظِ التَّأْنِيثِ عَنِ الأسْماءِ المُذَكَّرَةِ، كَقَوْلِكَ: عَطاؤُكَ عافِيَةٌ، والرُّخَصُ نِعْمَةٌ، ذَكَرَهُما ابْنُ الأنْبارِيِّ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو العالِيَةَ، والضَّحّاكُ، والأعْمَشِ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "خالِصٌ" بِالرَّفْعِ، مِن غَيْرِ هاءٍ. قالَ الفَرّاءُ: وإنَّما ذَكَرَ لَتَذْكِيرِ "ما" وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو رَزِينٍ، وعِكْرِمَةُ، وابْنُ يَعْمُرَ: "خالَصَهُ" بِرَفْعِ الصّادِ والهاءِ عَلى ضَمِيرٍ مُذَكَّرٍ، قالَ الزَّجّاجُ: والمَعْنى: ما خَلُصَ حَيًّا. وقَرَأ قَتادَةُ: "خالِصَةً" بِالنَّصْبِ. فَأمّا الذُّكُورُ، فَهُمُ الرِّجالُ، والأزْواجُ والنِّساءُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ يَكُنْ مَيْتَةً﴾ قَرَأ الأكْثَرُونَ: "يَكُنْ" بِالياءِ، "مَيْتَةً" بِالنَّصْبِ؛ وذَلِكَ مَرْدُودٌ عَلى لَفْظِ "ما" . المَعْنى: وإنٍ يَكُنْ ما في بُطُونِ هَذِهِ الأنْعامِ مَيْتَةً. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ "يَكُنْ" بِالياءِ، "مَيْتَةً" بِالرَّفْعِ. وافَقَهُ ابْنُ عامِرٍ في رَفْعِ المَيْتَةِ؛ غَيْرَ أنَّهُ قَرَأ: "تَكُنْ" بِالتّاءِ. والمَعْنى: وإنْ تَحْدُثْ وتَقَعْ، فَجَعَلَ "كانَ" تامَّةً لا تَحْتاجُ إلى خَبَرٍ. وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: "تَكُنْ" بِالتّاءِ "مَيْتَةً" بِالنَّصْبِ. والمَعْنى: وإنْ تَكُنِ الأنْعامُ الَّتِي في البُطُونِ مَيْتَةً. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهم فِيهِ شُرَكاءُ﴾ يَعْنِي الرِّجالَ والنِّساءَ. ﴿سَيَجْزِيهِمْ وصْفَهُمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أرادَ جَزاءَ وصْفِهِمُ الَّذِي هو كَذِبٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب