الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَلى مَكانَتِكُمْ﴾ وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: "مَكاناتِكُمْ" عَلى الجَمْعِ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: عَلى مَوْضِعِكم، يُقالُ: مَكانٌ ومَكانَةٌ، ومَنزِلٌ ومَنزِلَةٌ. وقالَ الزَّجّاجُ: اعْمَلُوا عَلى تَمَكُّنِكم. قالَ: ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: اعْمَلُوا عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ. تَقُولُ لَلرَّجُلِ إذا أمَرْتَهُ أنْ يَثْبُتَ عَلى حالٍ: كُنْ عَلى مَكانَتِكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنِّي عامِلٌ﴾ أيْ: عامِلٌ ما أمَرَنِي بِهِ رَبِّي ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدّارِ﴾ . قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ: "تَكُونُ" بِالتّاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: بِالياءِ. وكَذَلِكَ خِلافُهم في [القَصَصِ:٣٧]، ووَجْهُ التَّأْنِيثِ، اللَّفْظُ، ووَجْهُ التَّذْكِيرِ، أنَّهُ لَيْسَ بِتَأْنِيثٍ حَقِيقِيٍّ. وعاقِبَةُ الدّارِ: الجَنَّةُ. والظّالِمُونَ هاهُنا: المُشْرِكُونَ. فَإنْ قِيلَ: ظاهَرُ هَذِهِ الآَيَةِ أمْرُهم بِالإقامَةِ عَلى ما هم عَلَيْهِ، وذَلِكَ لا يَجُوزُ. فالجَوابُ: أنَّ مَعْنى هَذا الأمْرِ المُبالَغَةُ في الوَعِيدِ؛ فَكَأنَّهُ قالَ: أقِيمُوا عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ، إنْ رَضِيتُمْ بِالعَذابِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. (p-١٢٨)* فَصْلٌ وَفِي هَذِهِ الآَيَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ المُرادَ بِها التَّهْدِيدُ؛ فَعَلى هَذا هي مُحْكَمَةٌ. والثّانِي: أنَّ المُرادَ بِها تَرَكُ القِتالَ؛ فَعَلى هَذا هي مَنسُوخَةٌ بِآَيَةِ السَّيْفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب