الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ لَمّا قالَ لَلْمُشْرِكِينَ: ﴿إنَّكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ قالُوا: لَتَنْتَهِيَنَّ يا مُحَمَّدُ عَنْ سَبِّ آَلِهَتِنا وعَيْبِها، أوْ لَنَهْجُوَنَّ إلَهَكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّ المُسْلِمِينَ كانُوا يَسُبُّونَ أوْثانَ الكُفّارِ، فَيَرُدُّونَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَنَهاهُمُ اللهُ تَعالى أنْ يَسْتَسِبُّوا لَرَبِّهِمْ قَوْمًا جَهَلَةً لا عِلْمَ لَهم بِاللَّهِ، قالَهُ قَتادَةُ. ومَعْنى "يَدْعُونَ": يَعْبُدُونَ، وهي الأصْنامُ. ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ﴾ أيْ: فَيَسُبُّوا مِن أمْرِكم بِعَيْبِها، فَيَعُودُ ذَلِكَ إلى اللَّهِ تَعالى، لا أنَّهم كانُوا يُصَرِّحُونَ بِسَبِّ اللَّهِ تَعالى، لِأنَّهم كانُوا يُقِرُّونَ أنَّهُ خالِقُهم، وإنْ أشْرَكُوا بِهِ. وَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أيْ: ظُلْمًا بِالجَهْلِ. وقَرَأ يَعْقُوبُ: (p-١٠٣)"عَدُوًّا" بِضَمِّ العَيْنِ والدّالِ وتَشْدِيدِ الواوِ. والعَرَبُ تَقُولُ في الظُّلْمِ: عَدا فُلانٌ عَدْوًا وعُدُوًّا وعُدْوانًا. وعَدا، أيْ: ظَلَمَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ أيْ: كَما زَيَّنّا لَهَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ عِبادَةَ الأصْنامِ، وطاعَةَ الشَّيْطانِ، كَذَلِكَ زَيَّنّا لَكُلِّ جَماعَةٍ اجْتَمَعَتْ عَلى حَقٍّ أوْ باطِلٍ عَمَلَهم مِن خَيْرٍ أوْ شَرٍّ. قالَ المُفَسِّرُونَ: وهَذِهِ الآَيَةُ نُسِخَتْ بِتَنْبِيهِ الخِطابِ في آَيَةِ السَّيْفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب