الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ. أحَدُهُما: «أنَّ النّاسَ سَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتّى شَقُّوا عَلَيْهِ، فَأرادَ اللَّهُ أنَّ يُخَفِّفَ عَنْ نَبِيِّهِ، فَأنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ،» قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-١٩٥)والثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في الأغْنِياءِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا يُكْثِرُونَ مُناجاةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ويَغْلِبُونَ الفُقَراءَ عَلى المَجالِسِ، حَتّى كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَأمّا أهْلُ العُسْرَةِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا، وأمّا أهْلُ المَيْسَرَةِ فَبَخِلُوا، واشْتَدَّ ذَلِكَ عَلى أصْحابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ، قالَهُ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ، وإلى نَحْوِهِ ذَهَبَ مُقاتِلُ بْنُ سُلَيْمانَ، إلّا أنَّهُ قالَ: فَقَدَرَ الفُقَراءُ حِينَئِذٍ عَلى مُناجاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ولَمْ يُقَدِّمْ أحَدٌ مِن أهْلِ المَيْسَرَةِ صَدَقَةً غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ. وَرَوى مُجاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: آيَةٌ في كِتابِ اللَّهِ لَمْ يَعْمَلْ بِها أحَدٌ قَبَلِي، ولَنْ يَعْمَلَ بِها أحَدٌ بَعْدِي آيَةُ النَّجْوى. كانَ لِي دِينارٌ، فَبِعْتُهُ بِعَشَرَةِ دَراهِمَ، فَكُلَّما أرَدْتُ أنْ أُناجِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدَّمْتُ دِرْهَمًا، فَنَسَخَتْها الآيَةُ الأُخْرى ﴿أأشْفَقْتُمْ أنْ تُقَدِّمُوا. . .﴾ الآيَةُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَكم وأطْهَرُ﴾ أيْ: تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ عَلى المُناجاةِ خَيْرٌ لَكم لِما فِيهِ مِن طاعَةِ اللَّهِ، وأطْهَرُ لِذُنُوبِكم ﴿فَإنْ لَمْ تَجِدُوا﴾ يَعْنِي: الفُقَراءَ ﴿فَإنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ إذْ عَفا عَمَّنْ لا يَجِدُ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿أأشْفَقْتُمْ﴾ أيْ: خِفْتُمْ بِالصَّدَقَةِ الفاقَةَ ﴿وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ: فَتَجاوَزَ عَنْكُمْ، وخَفَّفَ بِنَسْخِ إيجابِ الصَّدَقَةِ. قالَ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: إنَّما كانَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيالٍ. قالَ قَتادَةُ: ما كانَ إلّا ساعَةً مِن نَهارٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب