الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما لَكم لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ هَذا اسْتِفْهامُ إنْكارٍ، والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ لَكم مِنَ الثَّوابِ في الآخِرَةِ إذا لَمْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ ﴿وَقَدْ أخَذَ مِيثاقَكُمْ﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو "أُخِذَ" بِالرَّفْعِ. وقَرَأ الباقُونَ "أخَذَ" بِفَتْحِ الخاءِ "مِيثاقَكُمْ" بِالفَتْحِ. (p-١٦٣)والمُرادُ بِهِ: حِينَ أُخْرِجْتُمْ مِن ظَهْرِ آدَمَ ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بِالحُجَجِ والدَّلائِلِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ "آياتٍ بَيِّناتٍ" يَعْنِي القُرْآنَ ﴿لِيُخْرِجَكم مِنَ الظُّلُماتِ﴾ يَعْنِي الشِّرْكَ "إلى" نُورِ الإيمانِ ﴿وَإنَّ اللَّهَ بِكم لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ حِينَ بَعَثَ الرَّسُولَ ونَصَبَ الأدِلَّةَ. ثُمَّ حَثَّهم عَلى الإنْفاقِ فَقالَ: ﴿وَما لَكم ألا تُنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ ولِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكم في تَرْكِ الإنْفاقِ مِمّا يُقَرِّبُ إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وأنْتُمْ مَيِّتُونَ تارِكُونَ أمْوالَكُمْ؟! ثُمَّ بَيَّنَ فَضْلَ مَن سَبَقَ بِالإنْفاقِ فَقالَ: ﴿لا يَسْتَوِي مِنكم مَن أنْفَقَ مَن قَبْلِ الفَتْحِ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ فَتْحُ مَكَّةَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والجُمْهُورُ. والثّانِي: أنَّهُ فَتْحُ الحُدَيْبِيَةِ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ. والمَعْنى: لا يَسْتَوِي مَن أنْفَقَ قَبْلَ ذَلِكَ "وَقاتَلَ" ومَن فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الفَتْحِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. ﴿أُولَئِكَ أعْظَمُ دَرَجَةً﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: أعْظَمُ (p-١٦٤)مَنزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ. قالَ عَطاءٌ: دَرَجاتُ الجَنَّةِ تَتَفاضَلُ، فالَّذِينَ أنْفَقُوا مِن قَبْلِ الفَتْحِ في أفْضَلِها. قالَ الزَّجّاجُ: لِأنَّ المُتَقَدِّمِينَ كانَتْ بَصائِرُهم أنْفَذَ، ونالَهم مِنَ المَشَقَّةِ أكْثَرُ ﴿وَكُلا وعَدَ اللَّهُ الحُسْنى﴾ أيْ: وكِلا الفَرِيقَيْنِ وعَدَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ "وَكُلٌّ" بِالرَّفْعِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ "فَيُضَعِّفَهُ" مُشَدَّدَةً بِغَيْرِ ألِفٍ، إلّا أنَّ ابْنَ كَثِيرٍ يَضُمُّ الفاءَ، وابْنُ عامِرٍ يَفْتَحُها. وقَرَأ نافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ "فَيُضاعِفُهُ" بِالألِفِ وضَمِّ الفاءِ، وافَقَهم عاصِمٌ، إلّا أنَّهُ فَتَحَ الفاءَ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: يُضاعِفُ ويُضَعِّفُ بِمَعْنًى واحِدٍ، إلّا أنَّ الرَّفْعَ في "يُضاعِفُ" هو الوَجْهُ، لِأنَّهُ مَحْمُولٌ عَلى "يُقْرِضُ" . أوْ عَلى الِانْقِطاعِ مِنَ الأوَّلِ، كَأنَّهُ [قالَ: ] فَهو يُضاعِفُ. ويُحْمَلُ قَوْلُ الَّذِي نَصَبَ عَلى المَعْنى، لِأنَّهُ إذا قالَ: مَن ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ، مَعْناهُ: أيُقْرِضُ اللَّهَ أحَدٌ قَرْضًا فَيُضاعِفَهُ. والآيَةُ مُفَسَّرَةٌ في [البَقَرَةِ: ٢٤٥] والأجْرُ الكَرِيمُ: الجَنَّةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب