الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اعْلَمُوا أنَّما الحَياةُ الدُّنْيا﴾ يَعْنِي: الحَياةَ في هَذِهِ الدّارِ "لَعِبٌ ولَهْوٌ" أيْ: غُرُورٌ يَنْقَضِي عَنْ قَلِيلٍ. وذَهَبَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ المُشارَ بِهَذا إلى حالِ الكافِرِ في دُنْياهُ، لِأنَّ حَياتَهُ تَنْقَضِي عَلى لَهْوٍ ولَعِبٍ وتَزَيُّنِ الدُّنْيا، ويُفاخِرُ قُرَناءَهُ وجِيرانَهُ، ويُكاثِرُهم بِالأمْوالِ والأوْلادِ، فَيَجْمَعُ مِن غَيْرِ حَلِّهِ، ويَتَطاوَلُ عَلى أوْلِياءِ اللَّهِ بِمالِهِ، وخَدَمِهِ، ووَلَدِهِ، فَيَفْنى عُمْرُهُ في هَذِهِ الأشْياءِ، ولا يَلْتِفِتُ إلى العَمَلِ لِلْآخِرَةِ. ثُمَّ بَيَّنَ لِهَذِهِ الحَياةِ شَبَهًا، فَقالَ: ﴿كَمَثَلِ غَيْثٍ﴾ يَعْنِي: مَطَرًا ﴿أعْجَبَ الكُفّارَ﴾ وهُمُ الزُّرّاعُ، وسُمُّوا كُفّارًا، لِأنَّ الزّارِعَ إذا ألْقى البَذْرَ في الأرْضِ كَفَرَهُ، أيْ: غَطّاهُ "نَباتُهُ" أيْ: ما نَبَتَ مِن ذَلِكَ الغَيْثِ ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ أيْ يَيْبَسُ ﴿فَتَراهُ مُصْفَرًّا﴾ بَعْدَ خُضْرَتِهِ ورِيِّهِ ﴿ثُمَّ يَكُونُ حُطامًا﴾ أيْ: يَتَحَطَّمُ، ويَنْكَسِرُ بَعْدَ يُبْسِهِ. وشَرْحُ هَذا المَثَلِ قَدْ تَقَدَّمَ في "يُونُسَ" عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: (p-١٧٢)﴿إنَّما مَثَلُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [آيَةُ: ٢٤]، وفي "الكَهْفِ" عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واضْرِبْ لَهم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [آيَةُ: ٤٥] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَفِي الآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ﴾ أيْ: لِأعْداءِ اللَّهِ ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ ورِضْوانٌ﴾ لِأوْلِيائِهِ وأهْلِ طاعَتِهِ. وما بَعْدَ هَذا مَذْكُورٌ في [آلِ عِمْرانَ: ١٨٥] إلى قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ﴾ فَبَيَّنَ أنَّهُ لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أحَدٌ إلّا بِفَضْلِ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب