الباحث القرآني

(p-١٦٠)سُورَةُ الحَدِيدِ وَفِيها قَوْلانِ أحَدُهُما: أنَّها مَدَنِيَّةٌ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وقَتادَةُ، ومُقاتِلٌ. والثّانِي: أنَّها مَكِّيَّةٌ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أمّا تَسْبِيحُ ما يَعْقِلُ، فَمَعْلُومٌ، وتَسْبِيحُ ما لا يَعْقِلُ، قَدْ ذَكَرْنا مَعْناهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنْ مِن شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسْراءِ: ٤٤] . (p-١٦١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الأوَّلُ﴾ قالَ أبُو سُلَيْمانَ الخَطّابِيُّ: هو السّابِقُ لِلْأشْياءِ ﴿والآخِرُ﴾ الباقِي بَعْدَ فَناءِ الخَلْقِ ﴿والظّاهِرُ﴾ بِحُجَجِهِ الباهِرَةِ، وبَراهِينِهِ النَّيِّرَةِ، وشَواهِدِهِ الدّالَّةِ عَلى صِحَّةِ وحْدانِيَّتِهِ. ويَكُونُ: الظّاهِرُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ بِقُدْرَتِهِ. وقَدْ يَكُونُ الظُّهُورُ بِمَعْنى العُلُوِّ، ويَكُونُ بِمَعْنى الغَلَبَةِ. والباطِنُ: هو المُحْتَجِبُ عَنْ أبْصارِ الخَلْقِ الَّذِي لا يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ تَوَهُّمُ الكَيْفِيَّةِ. وقَدْ يَكُونُ مَعْنى الظُّهُورِ والبُطُونِ: احْتِجابَهُ عَنْ أبْصارِ النّاظِرِينَ، وتَجَلِّيَهُ لِبَصائِرِ المُتَفَكِّرِينَ. ويَكُونُ مَعْناهُ: العالِمَ بِما ظَهَرَ مِنَ الأُمُورِ، والمُطَّلِعَ عَلى ما بَطَنَ مِنَ الغُيُوبِ ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ﴾ مُفَسَّرٌ في [الأعْرافِ: ٥٤] إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَعْلَمُ ما يَلِجُ في الأرْضِ﴾ وهو مُفَسَّرٌ في [سَبَإٍ: ٢] إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكم أيْنَ ما كُنْتُمْ﴾ أيْ: بِعِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ. وما بَعْدَهُ ظاهِرٌ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ (p-١٦٢)قالَ المُفَسِّرُونَ: هَذا الخِطابُ لِكُفّارِ قُرَيْشٍ ﴿وَأنْفِقُوا مِمّا جَعَلَكم مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ يَعْنِي: المالَ الَّذِي كانَ بِأيْدِي غَيْرِهِمْ، فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ، وأعْطى قُرَيْشًا ذَلِكَ المالَ، فَكانُوا فِيهِ خُلَفاءَ مَن مَضى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب