الباحث القرآني

(p-١٦٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْعى نُورُهُمْ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: يُضِيءُ لَهم نُورُ عَمَلِهِمْ عَلى الصِّراطِ عَلى قَدْرِ أعْمالِهِمْ. قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مِنهم مَن نُورُهُ مِثْلُ الجَبَلِ، وأدْناهم نُورًا نُورُهُ عَلى إبْهامِهِ يُطْفِئُ مَرَّةً، ويَتَّقِدُ أُخْرى. وفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَبِأيْمانِهِمْ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ كُتُبُهم يُعْطَوْنَها بِأيْمانِهِمْ، قالَهُ الضَّحّاكُ. والثّانِي: أنَّهُ نُورُهم يَسْعى، أيْ: يَمْضِي بَيْنَ أيْدِيهِمْ، وعَنْ أيْمانِهِمْ، وعَنْ شَمائِلِهِمْ. والباءُ بِمَعْنى: "فِي" . "وَفِي" بِمَعْنى "عَنْ"، هَذا قَوْلُ الفَرّاءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بُشْراكُمُ اليَوْمَ﴾ هَذا قَوْلُ المَلائِكَةِ لَهم. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿انْظُرُونا نَقْتَبِسْ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ: "أنْظِرُونا" بِقَطْعِ الهَمْزَةِ، وفَتْحِها، وكَسْرِ الظّاءِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: يَغْشى النّاسَ يَوْمَ القِيامَةِ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ، فَيُعْطى المُؤْمِنُونَ النُّورَ، فَيَمْشِي المُنافِقُونَ في نُورِ المُؤْمِنِينَ، فَإذا سَبَقَهُمُ المُؤْمِنُونَ قالُوا: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِن نُورِكم "قِيلَ: ارْجِعُوا وراءَكُمْ" في القائِلِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-١٦٦)والثّانِي: المَلائِكَةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. وفي مَعْنى الكَلامِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: ارْجِعُوا إلى المَكانِ الَّذِي قَبَسْتُمْ فِيهِ النُّورَ، فَيَرْجِعُونَ، فَلا يَرَوْنَ شَيْئًا. والثّانِي: ارْجِعُوا فاعْمَلُوا عَمَلًا يَجْعَلُهُ اللَّهُ لَكم نُورًا. والثّالِثُ: أنَّ المَعْنى: لا نُورَ لَكم عِنْدَنا ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهم بِسُورٍ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هو الأعْرافُ، وهو سُورٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ ﴿باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ﴾ وهِيَ: الجَنَّةُ "وَظاهِرُهُ" يَعْنِي: مِن وراءِ السُّورِ ﴿مِن قِبَلِهِ العَذابُ﴾ وهو جَهَنَّمُ. وقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ هَذا السُّورَ يَكُونُ بِبَيْتِ المَقْدِسِ في مَكانِ السُّورِ الشَّرْقِيِّ بَيْنَ الوادِي الَّذِي يُسَمّى: وادِيَ جَهَنَّمَ، وبَيْنَ البابِ الَّذِي يُسَمّى: بابَ الرَّحْمَةِ، وإلى نَحْوِ هَذا ذَهَبَ عُبادَةُ بْنُ الصّامِتِ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وكَعْبٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُنادُونَهُمْ﴾ أيْ: يُنادِي المُنافِقُونَ المُؤْمِنِينَ مِن وراءِ السُّورِ: ﴿ألَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾ أيْ: عَلى دِينِكم نُصَلِّي بِصَلاتِكُمْ، ونَغْزُو مَعَكُمْ؟! فَيَقُولُ لَهُمُ المُؤْمِنُونَ: ﴿بَلى ولَكِنَّكم فَتَنْتُمْ أنْفُسَكُمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: اسْتَعْمَلْتُمُوها في الفِتْنَةِ. وقالَ غَيْرُهُ: آثَمْتُمُوها بِالنِّفاقِ "وَتَرَبَّصْتُمْ" فِيهِ قَوْلانِ. (p-١٦٧)أحَدُهُما: تَرَبَّصْتُمْ بِالتَّوْبَةِ. والثّانِي: تَرَبَّصْتُمْ بِمُحَمَّدٍ المَوْتَ، وقُلْتُمْ: يُوشِكُ أنْ يَمُوتَ فَنَسْتَرِيحَ ﴿وارْتَبْتُمْ﴾ شَكَكْتُمْ في الحَقِّ ﴿وَغَرَّتْكُمُ الأمانِيُّ﴾ يَعْنِي: ما كانُوا يَتَمَنَّوْنَ مِن نُزُولِ الدَّوائِرِ بِالمُؤْمِنِينَ ﴿حَتّى جاءَ أمْرُ اللَّهِ﴾ وفِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ المَوْتُ. والثّانِي: إلْقاؤُهم في النّارِ ﴿وَغَرَّكم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾ أيْ: غَرَّكُمُ الشَّطِّيّانُ بِحُكْمِ اللَّهِ وإمْهالِهِ ﴿فاليَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكم فِدْيَةٌ﴾ وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ، وابْنُ عامِرٍ، ويَعْقُوبُ "لا تُؤْخَذُ" بِالتّاءِ، أيْ: بَدَلٌ وعِوَضٌ عَنْ عَذابِكم. وهَذا خِطابٌ لِلْمُنافِقِينَ، ولِهَذا قالَ تَعالى: ﴿وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هِيَ مَوْلاكُمْ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: أيْ: أوْلى بِكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب