الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا انْشَقَّتِ السَّماءُ﴾ أيِ: انْفَرَجَتْ مِنَ المَجَرَّةِ لِنُزُولِ مَن فِيها يَوْمَ القِيامَةِ "فَكانَتْ ورْدَةً" وفِيها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: كَلَوْنِ الفَرَسِ الوَرْدَةِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ، والضَّحّاكُ. وقالَ الفَرّاءُ: الفَرَسُ الوَرْدَةُ، تَكُونُ في الرَّبِيعِ ورْدَةً إلى الصُّفْرَةِ، فَإذا اشْتَدَّ الحَرُّ (p-١١٨)كانَتْ ورْدَةً حَمْراءَ، فَإذا كانَ بَعْدَ ذَلِكَ كانَتْ ورْدَةً إلى الغُبْرَةِ، فَشَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّماءِ بِتَلَوُّنِ الوَرْدَةِ مِنَ الخَيْلِ؛ وكَذَلِكَ قالَ الزَّجّاجُ: "فَكانَتْ ورْدَةً" أيْ: كَلَوْنِ فَرَسِ ورْدَةٍ؛ والكُمَيْتُ: الوَرْدُ يَتْلُونَ، فَيَكُونُ لَوْنُهُ في الشِّتاءِ خِلافَ لَوْنِهِ في الصَّيْفِ، ولَوْنُهُ في الصَّيْفِ خِلافَ لَوْنِهِ في الشِّتاءِ، فالسَّماءُ تَتَلَوَّنُ مِنَ الفَزَعِ الأكْبَرِ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَعْنى: فَكانَتْ حَمْراءَ في لَوْنِ الفَرَسِ الوَرْدِ.
والثّانِي: أنَّها ورْدَةُ النَّباتِ؛ وقَدْ تَخْتَلِفُ ألْوانُها، إلّا أنَّ الأغْلَبَ عَلَيْها الحُمْرَةُ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
وَفِي الدِّهانِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ واحِدٌ، وهو الأدِيمُ الأحْمَرُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ جَمْعُ دُهْنٍ، والدُّهْنُ تَخْتَلِفُ ألْوانُهُ بِخُضْرَةٍ وحُمْرَةٍ وصُفْرَةٍ، حَكاهُ اليَزِيدِيُّ، وإلى نَحْوِهِ ذَهَبَ مُجاهِدٌ. وقالَ الفَرّاءُ: شَبَّهَ تَلَوُّنَ السَّماءِ بِتَلَوُّنِ الوَرْدَةِ مِنَ الخَيْلِ، وشَبَّهَ الوَرْدَةَ في اخْتِلافِ ألْوانِها بِالدُّهْنِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ ولا جانٌّ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: لا يُسْألُونَ لِيُعْلَمَ حالُهُمْ، لِأنَّ اللَّهَ تَعالى أعْلَمُ مِنهم بِذَلِكَ.
والثّانِي: لا يَسْألُ بَعْضُهم بَعْضًا عَنْ حالِهِ لِاشْتِغالِ كُلِّ واحِدٍ مِنهم بِنَفْسِهِ، رُوِيَ القَوْلانِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: لا يُسْألُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ لِأنَّهم يُعْرَفُونَ بِسِيماهُمْ، فالكافِرُ أسْوَدُ الوَجْهِ، والمُؤْمِنُ أغَرُّ مُحَجَّلٌ مِن أثَرِ وُضُوئِهِ، قالَهُ الفَرّاءُ. قالَ الزَّجّاجُ: لا يُسْألُ أحَدٌ عَنْ ذَنْبِهِ لِيُسْتَفْهَمَ، ولَكِنَّهُ يُسْألُ سُؤالَ تَوْبِيخٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ﴾ قالَ الحَسَنُ: بِسَوادِ الوُجُوهِ، وزُرْقِ الأعْيُنِ ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأقْدامِ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ خَزَنَةَ جَهَنَّمَ تَجْمَعُ بَيْنَ نَواصِيهِمْ إلى أقْدامِهِمْ مِن وراءِ ظُهُورِهِمْ، ثُمَّ يَدْفَعُونَهم عَلى وُجُوهِهِمْ (p-١١٩)فِي النّارِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: يُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأقْدامِ، فَيُسْحَبُونَ إلى النّارِ، ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. ورَوى مُرْدَوَيْهِ الصّائِغُ، قالَ: صَلّى بِنا الإمامُ صَلاةَ الصُّبْحِ فَقَرَأ سُورَةَ "الرَّحْمَنِ" ومَعَنا عَلِيُّ بْنُ الفُضَيْلِ بْنِ عِياضٍ، فَلَمّا قَرَأ ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ﴾ خَرَّ عَلِيٌّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ حَتّى فَرَغْنا مِنَ الصَّلاةِ، فَلَمّا كانَ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْنا لَهُ: أما سَمِعْتَ الإمامَ يَقْرَأُ ﴿حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيامِ﴾؟ قالَ: شَغَلَنِي عَنْها ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهم فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأقْدامِ﴾
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ﴾ أيْ: يُقالُ لَهم. هَذِهِ جَهَنَّمُ ﴿الَّتِي يُكَذِّبُ بِها المُجْرِمُونَ﴾ يَعْنِي المُشْرِكِينَ ﴿يَطُوفُونَ بَيْنَها﴾ وقَرَأ أبُو العالِيَةِ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: يُطَوِّفُونَ بِياءٍ مَضْمُومَةٍ مَعَ تَشْدِيدِ الواوِ؛ وقَرَأ الأعْمَشُ مِثْلَهُ إلّا أنَّهُ بِالتّاءِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الحَمِيمُ: الماءُ الحارُّ، والآنِي: الَّذِي قَدِ انْتَهَتْ شِدَّةُ حَرِّهِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: المَعْنى أنَّهم يَسْعَوْنَ بَيْنَ عَذابِ الجَحِيمِ وبَيْنَ الحَمِيمِ، إذا اسْتَغاثُوا مِنَ النّارِ جُعِلَ غِياثُهُمُ الحَمِيمَ الشَّدِيدَ الحَرارَةِ.
{"ayahs_start":37,"ayahs":["فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَاۤءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةࣰ كَٱلدِّهَانِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","فَیَوۡمَىِٕذࣲ لَّا یُسۡـَٔلُ عَن ذَنۢبِهِۦۤ إِنسࣱ وَلَا جَاۤنࣱّ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","یُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِیمَـٰهُمۡ فَیُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَ ٰصِی وَٱلۡأَقۡدَامِ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ","هَـٰذِهِۦ جَهَنَّمُ ٱلَّتِی یُكَذِّبُ بِهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ","یَطُوفُونَ بَیۡنَهَا وَبَیۡنَ حَمِیمٍ ءَانࣲ","فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"],"ayah":"فَبِأَیِّ ءَالَاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق