الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْراهِيمَ المُكْرَمِينَ﴾ "هَلْ" بِمِعى "قَدْ" في قَوْلِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُقاتِلٍ، فَيَكُونُ المَعْنى: قَدْ أتاكَ فاسْتَمِعْ نَقْصُصْهُ عَلَيْكَ، وضَيْفُهُ: هُمُ الَّذِينَ جاؤُوا بِالبُشْرى. وقَدْ ذَكَرْنا عَدَدَهم في [هُودٍ: ٧٠]، وذَكَرَنا هُناكَ مَعْنى الضَّيْفِ. وَفِي مَعْنى "المُكْرَمِينَ" أرْبَعَةُ أقْوالٍ: أحَدُهُما: لِأنَّهُ أكْرَمَهم بِالعِجْلِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ مُجاهِدٌ. والثّانِي: بِأنْ خَدَمَهم هو وامْرَأتُهُ بِأنْفُسِهِما، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّالِثُ: أنَّهم مُكْرَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ، قالَهُ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيى. والرّابِعُ: لِأنَّهم أضْيافٌ، والأضْيافُ مُكْرَمُونَ، قالَهُ أبُو بَكْرٍ الوَرّاقُ. (p-٣٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقالُوا سَلامًا﴾ قَدْ ذَكَرْناهُ في [هُودٍ: ٧٠] قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَوْمٌ مُنْكَرُونَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: ارْتَفَعَ عَلى مَعْنى: أنْتُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ. وَلِلْمُفَسِّرِينَ في سَبَبِ إنْكارِهِمْ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لِأنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: لِأنَّهم سَلَّمُوا عَلَيْهِ، فَأنْكَرَ سَلامَهم في ذَلِكَ الزَّمانِ وفي تِلْكَ الأرْضِ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ. والثّالِثُ: لِأنَّهم دَخَلُوا [عَلَيْهِ] مِن غَيْرِ اسْتِئْذانٍ. والرّابِعُ: لِأنَّهُ رَأى فِيهِمْ صُورَةَ البَشَرِ وصُورَةَ المَلائِكَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَراغَ إلى أهْلِهِ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: عَدَلَ إلَيْهِمْ في خُفْيَةٍ، ولا يَكُونُ الرَّواغُ إلى أنْ تُخْفِيَ ذَهابَكَ ومَجِيئَكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ﴾ وكانَ مَشْوِيًّا ﴿فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: والمَعْنى: فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ لِيَأْكُلُوا مِنهُ، فَلَمْ يَأْكُلُوا، فَقالَ: ﴿ألا تَأْكُلُونَ﴾ ؟! عَلى النَّكِيرِ، أيْ: أمْرُكم في تَرْكِ الأكْلِ مِمّا أُنْكِرُهُ. (p-٣٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأوْجَسَ مِنهم خِيفَةً﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في [هُودٍ: ٧٠]، وذَكَرْنا مَعْنى: "غُلامٍ عَلِيمٍ" في [الحِجْرِ: ٥٤] . ﴿فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ﴾ وهِيَ: سارَّةُ. قالَ الفَرّاءُ وابْنُ قُتَيْبَةَ: لَمْ تُقْبِلْ مِن مَوْضِعٍ إلى مَوْضِعٍ، وإنَّما هو كَقَوْلِكَ: أقْبَلَ يَشْتُمُنِي، وأقْبَلَ يَصِيحُ ويَتَكَلَّمُ، أيْ: أخَذَ في ذَلِكَ، والصَّرَّةُ: الصَّيْحَةُ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الصَّرَّةُ: شِدَّةُ الصَّوْتِ. وَفِيما قالَتْ في صَيْحَتِها قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَأوَّهَتْ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّها قالَتْ: يا ويْلَتا، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَصَكَّتْ وجْهَها﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: لَطَمَتْ وجْهَها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: ضَرَبَتْ جَبِينَها تَعْجُّبًا، قالَهُ مُجاهِدٌ. ومَعَنى الصَّكِّ: ضَرْبُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ العَرِيضِ. ﴿وَقالَتْ عَجُوزٌ﴾ قالَ الفَرّاءُ: هَذا مَرْفُوعٌ بِإضْمارِ "أتَلِدُ عَجُوزٌ" . وقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: أنا عَجُوزٌ عَقِيمٌ، فَكَيْفَ ألِدُ؟! وقَدْ ذَكَرْنا مَعْنى العَقِيم في [هُودٍ: ٧٢] . ﴿قالُوا كَذَلِكَ قالَ رَبُّكِ﴾ أنَّكِ سَتَلِدِينَ غُلامًا؛ والمَعْنى: إنَّما نُخْبِرُكِ (p-٣٨)عَنِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وهو حَكِيمٌ عَلِيمٌ يَقْدِرُ أنْ يَجْعَلَ العَقِيمَ ولُودًا فَعَلِمَ [حِينَئِذٍ] إبْراهِيمُ أنَّهم مَلائِكَةٌ. ﴿قالَ فَما خَطْبُكُمْ﴾ مُفَسَّرٌ في [الحِجْرِ: ٥٧] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حِجارَةً مِن طِينٍ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هو الآجُرُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في [هُودٍ: ٨٣] . قَوْلُهُ تَعالى ﴿لِلْمُسْرِفِينَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لِلْمُشْرِكِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأخْرَجْنا مَن كانَ فِيها﴾ أيْ: مِن قُرى لُوطٍ (مِنَ المُؤْمِنِينَ) وذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأسْرِ بِأهْلِكَ﴾ الآيَةُ: [هُودٍ: ٨٢] . ﴿فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ﴾ وهو لُوطٌ وابْنَتاهُ، وصَفَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِالإيمانِ والإسْلامِ، لِأنَّهُ ما مِن مُؤْمِنٍ إلّا وهو مُسْلِمٌ. ﴿وَتَرَكْنا فِيها آيَةً﴾ أيْ: عَلامَةً لِلْخائِفِينَ مِن عَذابِ اللَّهِ تَدُلُّهم عَلى أنَّ اللَّهَ أهْلَكَهم. وقَدْ شَرَحْنا هَذا في [ العَنْكَبُوتِ: ٣٥ ] وبَيَّنّا المَكْنِيِّ عَنْها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب