الباحث القرآني
(p-٣)سُورَةُ ق
وَيُقالُ لَها: سُورَةُ الباسِقاتِ
رَوى العَوْفِيُّ [وَغَيْرُهُ] عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها مَكِّيَّةٌ، وكَذَلِكَ قالَ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرَمَةُ، وقَتادَةُ، والجُمْهُورُ، وحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةُ أنَّ فِيها آيَةً مَدَنِيَّةً، وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ﴾ الآيَةُ [ق: ٣٨] .
قَوْلُهُ تَعالى: "ق" قَرَأ الجُمْهُورُ بِإسْكانِ الفاءِ. وقَرَأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، (p-٤)وَأبُو المُتَوَكِّلِ، وأبُو رَجاءٍ، وأبُو الجَوْزاءِ: "قافَ" بِنَصْبِ الفاءِ وقَرَأ أبُو رَزِينٍ، وقَتادَةُ: "قافُ" بِرَفْعِ الفاءِ. وقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو عِمْرانَ: "قافِ" بِكَسْرِ الفاءِ. وفي "ق" خَمْسَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وهو مِن أسْمائِهِ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّهُ جَبَلٌ مِن زَبَرْجَدَةٍ خَضْراءَ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. ورَوى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: خَلَقَ اللَّهُ جَبَلًا يُقالُ لَهُ: "ق" مُحِيطٌ بِالعالَمِ، وعُرُوقُهُ إلى الصَّخْرَةِ الَّتِي عَلَيْها الأرْضُ، فَإذا أرادَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أنْ يُزَلْزِلَ قَرْيَةً، أمَرَ ذَلِكَ الجَبَلَ فَحَرَّكَ العِرْقَ الَّذِي يَلِي تِلْكَ القَرْيَةَ. وقالَ مُجاهِدٌ. هو جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالأرْضِ. ورُوِيَ عَنِ الضَّحّاكِ أنَّهُ مِن زُمُرُّدَةٍ خَضْراءَ، وعَلَيْهِ كَنَفا السَّماءِ، وخُضْرَةُ السَّماءِ مِنهُ.
والثّالِثُ: أنَّهُ جَبَلٌ مِن نارٍ، في النّارِ، قالَهُ الضَّحّاكُ في رِوايَةٍ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والرّابِعُ: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآنِ، قالَهُ قَتادَةُ.
والخامِسُ: أنَّهُ حَرْفٌ مِن كَلِمَةٍ. ثُمَّ فِيهِ خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ افْتِتاحُ اسْمِهِ "قَدِيرٍ" قالَهُ أبُو العالِيَةِ. والثّانِي: أنَّهُ افْتِتاحُ أسْمائِهِ: القَدِيرِ والقاهِرِ والقَرِيبِ ونَحْوِ ذَلِكَ، قالَهُ القُرَظِيُّ. والثّالِثُ: أنَّهُ افْتِتاحُ "قُضِيَ الأمْرُ"، وأنْشَدُوا:
؎ قُلْنا لَها قِفِي فَقالَتْ قافْ
مَعْناهُ: أقِفُ، فاكْتَفَتْ بِالقافِ مِن "أقِفُ" حَكاهُ جَماعَةٌ مِنهُمُ الزَّجّاجُ.
والرّابِعُ: (p-٥)قِفْ عِنْدَ أمْرِنا ونَهْيِنا، ولا تَعْدُهُما، قالَهُ أبُو بَكْرٍ الوَرّاقُ. والخامِسُ: قُلْ يا مُحَمَّدُ، حَكاهُ الثَّعْلَبِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والقُرْآنِ المَجِيدِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ جُبَيْرٍ: المَجِيدُ: الكَرِيمُ. وفي جَوابِ هَذا القَسَمِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ مُضْمَرٌ، تَقْدِيرُهُ: لَيُبْعَثُنَّ بَعْدَ المَوْتِ. قالَهُ الفَرّاءُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الكُفّارِ: ﴿هَذا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ .
والثّانِي: أنَّهُ قَوْلُهُ: ﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنهُمْ﴾، فَيَكُونُ المَعْنى: [قافْ] والقُرْآنِ المَجِيدِ لَقَدْ عَلِمْنا، فَحُذِفَتِ اللّامُ لِأنَّ ما قَبْلَها عِوَضٌ مِنها، كَقَوْلِهِ: ﴿والشَّمْسِ وضُحاها﴾ . . . . ﴿قَدْ أفْلَحَ﴾ [الشَّمْسِ: ١-٩] أيْ: لَقَدْ أفْلَحَ، أجازَ هَذا القَوْلَ الزَّجّاجُ. (p-٦)والثّالِثُ: أنَّهُ قَوْلُهُ: ﴿ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ﴾ حُكِيَ عَنِ الأخْفَشِ.
والرّابِعُ: أنَّهُ في سُورَةٍ أُخْرى، حَكاهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ، ولَمْ يُبَيِّنْ في أيِّ سُورَةٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ عَجِبُوا﴾ مُفَسَّرٌ في [ص: ٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ أيْ: مُعْجِبٍ.
﴿أإذا مِتْنا﴾ قالَ الأخْفَشُ: هَذا الكَلامُ عَلى جَوابٍ، كَأنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: إنَّكم تَرْجِعُونَ، فَقالُوا: أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا؟ وقالَ غَيْرُهُ: تَقْدِيرُ الكَلامِ: قْ والقُرْآنِ لَيُبْعَثُنَّ، فَقالَ: أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا؛ والمَعْنى: أنُبَعَثُ إذا كُنّا كَذَلِكَ؟! وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: لَمّا تَعَجَّبُوا مِن وعِيدِ اللَّهِ عَلى تَكْذِيبِهِمْ بِمُحَمَّدٍ ﷺ فَقالُوا: هَذا شَيْءٌ عَجِيبٌ، كانَ كَأنَّهُ قالَ لَهُمْ: سَتَعْلَمُونَ إذا بُعِثْتُمْ ما يَكُونُ حالُكم في تَكْذِيبِكم مُحَمَّدًا، فَقالُوا أئِذا مِتْنا وكُنّا تُرابًا؟!
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ﴾ أيْ: رَدٌّ إلى الحَياةِ "بَعِيدٌ" قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: لا يَكُونُ.
﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنهُمْ﴾ أيْ: ما تَأْكُلُ مِن لُحُومِهِمْ ودِمائِهِمْ وأشْعارِهِمْ إذا ماتُوا، يَعْنِي أنَّ ذَلِكَ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ ﴿وَعِنْدَنا﴾ مَعَ عِلْمِنا بِذَلِكَ ﴿كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ أيْ: حافِظٌ لِعَدَدِهِمْ وأسْمائِهِمْ ولِما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنهُمْ، وهو اللَّوْحُ المَحْفُوظُ قَدْ أُثْبِتَ فِيهِ ما يَكُونُ.
﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ﴾ وهو القُرْآنُ. والمَرِيجُ: المُخْتَلِطُ، قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: مَرَجَ [أمْرُ] النّاسِ، ومَرَجَ الدِّينُ، وأصْلُ هَذا أنْ يَقْلَقَ الشَّيْءُ، ولا يَسْتَقِرُّ، يُقالُ: مَرَجَ الخاتَمُ في يَدِي: إذا قَلِقَ، لِلْهُزالِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: ومَعْنى اخْتِلاطِ أمْرِهِمْ: أنَّهم كانُوا يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ مَرَّةً: ساحِرٌ، ومَرَّةً: شاعِرٌ، (p-٧)وَمَرَّةً: مُعَلَّمٌ، ويَقُولُونَ لِلْقُرْآنِ مَرَّةً: سِحْرٌ،وَمَرَّةً: مُفْتَرًى، ومَرَّةً: رَجَزٌ، فَكانَ أمْرُهم مُلْتَبِسًا مُخْتَلِطًا عَلَيْهِمْ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["قۤۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِیدِ","بَلۡ عَجِبُوۤا۟ أَن جَاۤءَهُم مُّنذِرࣱ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ هَـٰذَا شَیۡءٌ عَجِیبٌ","أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابࣰاۖ ذَ ٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِیدࣱ","قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِیظُۢ","بَلۡ كَذَّبُوا۟ بِٱلۡحَقِّ لَمَّا جَاۤءَهُمۡ فَهُمۡ فِیۤ أَمۡرࣲ مَّرِیجٍ"],"ayah":"قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَـٰبٌ حَفِیظُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق