الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ في الخَمْرِ والمَيْسِرِ﴾ أمّا "الخَمْرُ" فَوُقُوعُ العَداوَةِ والبَغْضاءِ فِيها عَلى نَحْوِ ما ذَكَرْنا في سَبَبِ نُزُولِ الآيَةِ مِنَ القِتالِ والمُماراةِ. وأمّا المَيْسِرُ، فَقالَ قَتادَةُ: كانَ الرَّجُلُ يُقامِرُ عَلى أهْلِهِ ومالِهِ، فَيُقْمَرُ ويَبْقى حَزِينًا سَلِيبًا، فَيَنْظُرُ إلى مالِهِ في يَدِ غَيْرِهِ، فَيُكْسِبُهُ ذَلِكَ العَداوَةَ والبَغْضاءَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ لَفْظُ اسْتِفْهامٍ، ومَعْناهُ: الأمْرُ. تَقْدِيرُهُ: انْتَهُوا. قالَ الفَرّاءُ: رَدَّدَ عَلَيَّ أعْرابِيٌّ: هَلْ أنْتَ ساكِتٌ، هَلْ أنْتَ ساكِتٌ؟ وهو يُرِيدُ: اسْكُتْ، اسْكُتْ. (p-٤١٩)والثّانِي: أنَّهُ اسْتِفْهامٌ، لا بِمَعْنى: الأمْرِ. ذَكَرَ شَيْخُنا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ أنَّ جَماعَةً كانُوا يَشْرَبُونَ الخَمْرَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، ويَقُولُونَ: لَمْ يُحَرِّمْها، إنَّما قالَ: ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ فَقالَ بَعْضُنا: انْتَهَيْنا، وقالَ بَعْضُنا: لَمْ نَنْتَهِ، فَلَمّا نَزَلَتْ ﴿قُلْ إنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ والإثْمَ﴾ [الأعْرافِ: ٣٣] حُرِّمَتْ، لِأنَّ "الإثْمَ" اسْمٌ لِلْخَمْرِ. وهَذا القَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، والأوَّلُ أصَحُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأطِيعُوا اللَّهَ وأطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ فِيما أمَراكم، واحْذَرُوا خِلافَهُما ﴿فَإنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أيْ: أعْرَضْتُمْ، ﴿فاعْلَمُوا أنَّما عَلى رَسُولِنا﴾ مُحَمَّدٍ ﴿البَلاغُ المُبِينُ﴾ وهَذا وعِيدٌ لَهم، كَأنَّهُ قالَ: فاعْلَمُوا أنَّكم قَدِ اسْتَحْقَقْتُمُ العَذابَ لِتَوَلِّيكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب