الباحث القرآني
(p-٣٦٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ قالَ الحَسَنُ يَعْنِي حُكّامَ اليَهُودِ يَسْمَعُونَ الكَذِبَ مِمَّنْ يَكْذِبُ عِنْدَهم في دَعْواهُ، ويَأْتِيهِمْ بِرِشْوَةٍ فَيَأْخُذُونَها. وقالَ أبُو سُلَيْمانَ: هُمُ اليَهُودُ يَسْمَعُونَ الكَذِبَ، وهو قَوْلُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ: مُحَمَّدٌ كاذِبٌ، ولَيْسَ بِنَبِيٍّ، ولَيْسَ في التَّوْراةِ رَجْمٌ، وهم يَعْلَمُونَ كَذِبَهم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أكّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، والكِسائِيُّ، وأبُو جَعْفَرٍ: "السُّحُتَ" مَضْمُومَةَ الحاءِ مُثَقَّلَةً. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ، وحَمْزَةُ: "السُّحْتَ" ساكِنَةَ الحاءِ خَفِيفَةً. ورَوى خارِجَةُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنْ نافِعٍ: أكّالُونَ لِلسَّحْتِ بِفَتْحِ السِّينِ وجَزْمِ الحاءِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: السُّحْتُ والسُّحُتُ لُغَتانِ. وهُما اسْمانِ لِلشَّيْءِ المَسْحُوتِ، ولَيْسا بِالمَصْدَرِ، فَأمّا مَن فَتَحَ السِّينَ، فَهو مَصْدَرُ سَحَتَ، فَأوْقَعَ اسْمَ المَصْدَرِ عَلى المَسْحُوتِ، كَما أوْقَعَ الضَّرْبَ عَلى المَضْرُوبِ في قَوْلِهِمْ: هَذا الدِّرْهَمُ ضَرْبُ الأمِيرِ. وفي المُرادِ بِالسُّحْتِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: الرِّشْوَةُ في الحُكْمِ. والثّانِي: الرِّشْوَةُ في الدِّينِ، والقَوْلانِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ كُلُّ كَسْبٍ لا يَحِلُّ، قالَهُ الأخْفَشُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ فِيمَن أُرِيدَ بِهَذا الكَلامِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: اليَهُودِيّانِ اللَّذانِ زَنَيا، قالَهُ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ.
والثّانِي: رَجُلانِ مِن قُرَيْظَةَ والنَّضِيرِ قَتَلَ أحَدُهُما الآخَرَ، قالَهُ قَتادَةُ. وقالَ (p-٣٦١)ابْنُ زَيْدٍ: كانَ حُيَيُّ بْنُ أخْطَبَ قَدْ جَعَلَ لِلنَّضِيرِيِّ دِيَتَيْنِ، والقُرَظِيِّ دِيَةً، لِأنَّهُ كانَ مِنَ النَّضِيرِ، فَقالَتْ قُرَيْظَةُ: لا نَرْضى بِحُكْمٍ حُيَيٍّ، ونَتَحاكَمُ إلى مُحَمَّدٍ، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: لِنَبِيِّهِ فَإنْ جاؤُوكَ فاحْكم بَيْنَهُمُ الآيَةُ.
* فَصْلٌ
اخْتَلَفَ عُلَماءُ التَّفْسِيرِ في هَذِهِ الآيَةِ عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: أنَّها مَنسُوخَةٌ، وذَلِكَ أنَّ أهْلَ الكِتابِ كانُوا إذا تَرافَعُوا إلى النَّبِيِّ ﷺ كانَ مُخَيَّرًا، إنْ شاءَ حَكَمَ بَيْنَهم، وإنْ شاءَ أعْرَضَ عَنْهم، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأنِ احْكم بَيْنَهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ﴾ فَلَزِمَهُ الحُكْمُ، وزالَ التَّخْيِيرُ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ، والسُّدِّيِّ.
والثّانِي: أنَّها مُحْكَمَةٌ، وأنَّ الإمامَ ونُوّابُهُ في الحُكْمِ مُخَيَّرُونَ إذا تَرافَعُوا إلَيْهِمْ، إنْ شاؤُوا حَكَمُوا بَيْنَهم، وإنْ شاؤُوا أعْرَضُوا عَنْهم، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ الحَسَنِ، والشَّعْبِيِّ، والنَّخْعِيِّ، والزُّهْرِيِّ، وبِهِ قالَ أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وهو الصَّحِيحُ، لِأنَّهُ (p-٣٦٢)لا تَنافِيَ بَيْنَ الآيَتَيْنِ، لِأنَّ إحْداهُما: خَيَّرَتْ بَيْنَ الحُكْمِ وتَرْكِهِ. والثّانِيَةَ: بَيَّنَتْ كَيْفِيَّةَ الحُكْمِ إذا كانَ.
{"ayah":"سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ فَإِن جَاۤءُوكَ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُمۡ أَوۡ أَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡۖ وَإِن تُعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ فَلَن یَضُرُّوكَ شَیۡـࣰٔاۖ وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق