الباحث القرآني

(p-٣١٥)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إنّا نَصارى أخَذْنا مِيثاقَهُمْ﴾ قالَ الحَسَنُ: إنَّما قالَ: قالُوا إنّا نَصارى، ولَمْ يَقُلْ: مِنَ النَّصارى، لِيَدُلَّ عَلى أنَّهم لَيْسُوا عَلى مِنهاجِ النَّصارى حَقِيقَةً، وهُمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوا المَسِيحَ. وقالَ قَتادَةُ: كانُوا بِقَرْيَةٍ، يُقالُ لَها: ناصِرَةٌ، فَسُمُّوا بِهَذا الِاسْمِ. قالَ مُقاتِلٌ: أُخِذَ عَلَيْهِمُ المِيثاقُ، كَما أُخِذَ عَلى أهْلِ التَّوْراةِ أنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ، فَتَرَكُوا ما أُمِرُوا بِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأغْرَيْنا بَيْنَهُمُ﴾ قالَ النَّضْرُ: هَيَّجْنا، وقالَ المُؤَرِّجُ: حَرَّشْنا بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: ألْصَقْنا بِهِمْ ذَلِكَ، يُقالُ: غَرَيْتُ بِالرَّجُلِ غَرًى مَقْصُورًا: إذا لَصِقْتَ بِهِ، هَذا قَوْلُ الأصْمَعِيِّ. وقالَ غَيْرُ الأصْمَعِيِّ: غَرَّيْتُ بِهِ غِراءً مَمْدُودٌ، وهَذا الغِراءُ الَّذِي يُغْرّى بِهِ إنَّما يُلْصَقُ بِهِ الأشْياءُ، ومَعْنى أغْرَيْنا بَيْنَهُمُ العَداوَةَ والبَغْضاءَ: أنَّهم صارُوا فِرَقًا يُكَفِّرُ بَعْضُهم بَعْضًا. وفي الهاءِ والمِيمِ مِن قَوْلِهِ "بَيْنَهُمْ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى اليَهُودِ والنَّصارى، قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، والسُّدِّيُّ. والثّانِي: أنَّها تَرْجِعُ إلى النَّصارى خاصَّةً، قالَهُ الرَّبِيعُ. وقالَ الزَّجّاجُ: هُمُ النَّصارى، مِنهُمُ النَّسْطُورِيَّةُ، واليَعْقُوبِيَّةُ، والمَلَكِيَّةُ، وكُلُّ فِرْقَةٍ مِنهم تُعادِي الأُخْرى. وفي تَمامِ الآيَةِ وعِيدٌ شَدِيدٌ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب