الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: هَلْ يَقْدِرُ. وقَرَأ الكِسائِيُّ: ( هَلْ تَسْتَطِيعُ ) بِالتّاءِ، ونَصْبِ الرَّبِّ. قالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ: هَلْ تَقْدِرُ (p-٤٥٦)أنْ تَسْألَ رَبَّكَ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ولا يَجُوزُ لِأحَدٍ أنَّ يَتَوَهَّمَ أنَّ الحَوارِيِّينَ شَكُّوا في قُدْرَةِ اللَّهِ، وإنَّما هَذا كَما يَقُولُ الإنْسانُ لِصاحِبِهِ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَقُومَ مَعِي، وهو يَعْلَمُ أنَّهُ مُسْتَطِيعٌ، ولَكِنَّهُ يُرِيدُ: هَلْ يَسْهُلُ عَلَيْكَ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ: المَعْنى: هَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِمَسْألَتِكَ إيّاهُ. وزَعَمَ بَعْضُهم أنَّهم قالُوا ذَلِكَ قَبْلَ اسْتِحْكامِ إيمانِهِمْ ومَعْرِفَتِهِمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ عِيسى بِقَوْلِهِ: اتَّقُوا اللَّهَ، أنْ تَنْسِبُوهُ إلى عَجْزٍ، والأوَّلُ أصَحُّ. فَأمّا "المائِدَةُ" فَقالَ اللُّغَوِيُّونَ: المائِدَةُ: كُلُّ ما كانَ عَلَيْهِ مِنَ الأخْوِنَةِ طَعامٌ، فَإذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ طَعامٌ، فَلَيْسَ بِمائِدَةٍ، والكَأْسُ: كُلُّ إناءٍ فِيهِ شَرابٌ، فَإذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرابٌ فَلَيْسَ بِكَأْسٍ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ. قالَ الفَرّاءُ: وسَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يَقُولُ لِلطَّبَقِ الَّذِي تُهْدى عَلَيْهِ الهَدِيَّةُ: هو المُهْدى، مَقْصُورٌ، ما دامَتْ عَلَيْهِ الهَدِيَّةُ، فَإذا كانَ فارِغًا رَجَعَ إلى اسْمِهِ إنْ كانَ طَبَقًا أوْ خِوانًا أوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وذَكَرَ الزَّجّاجُ عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ أنَّ لَفْظَها فاعِلَةٌ، وهي في المَعْنى مَفْعُولَةٌ، مِثْلُ ﴿عِيشَةٍ راضِيَةٍ﴾ [الحاقَّةِ: ٢١] . قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: وهي مِنَ العَطاءِ، والمُمْتادُ: المُفْتَعَلُ المَطْلُوبُ مِنهُ العَطاءُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ إلى أمِيرِ المُؤْمِنِينَ المُمْتادِ (p-٤٥٧)وَمادَ زَيْدٌ عَمْرًا: إذا أعْطاهُ. قالَ الزَّجّاجُ: والأصْلُ عِنْدِي في "مائِدَةٍ" أنَّها فاعِلَةٌ مِن: مادَ يَمِيدُ: إذا تَحَرَّكَ، فَكَأنَّها تَمِيدُ بِما عَلَيْها. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المائِدَةُ: الطَّعامُ، مِن: مادَنِي يَمِيدُنِي، كَأنَّها تَمِيدُ الآكِلِينَ، أيْ: تُعْطِيهِمْ، أوْ تَكُونُ فاعِلَةً بِمَعْنى: مَفْعُولٌ بِها، أيْ: مِيدَ بِها الآكِلُونَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: اتَّقَوْهُ أنْ تَسْألُوهُ البَلاءَ، لِأنَّها إنْ نَزَلَتْ وكَذَّبْتُمْ، عُذِّبْتُمْ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّانِي: أنْ تَسْألُوهُ ما لَمْ تَسْألْهُ الأُمَمُ قَبْلَكم، ذَكَرَهُ أبُو عُبَيْدٍ. والثّالِثُ: أنْ تَشُكُّوا في قُدْرَتِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب