الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ جاءَكم فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَنِي المُصْطَلِقِ لِيَقْبِضَ صَدَقاتِهِمْ، وقَدْ كانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَهم عَداوَةٌ في الجاهِلِيَّةِ، فَسارَ بَعْضَ الطَّرِيقِ، ثُمَّ خافَ فَرَجَعَ فَقالَ: إنَّهم قَدْ مَنَعُوا (p-٤٦١)الصَّدَقَةَ وأرادُوا قَتْلِي، فَصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ البَعْثَ إلَيْهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. وقَدْ ذَكَرْتُ القِصَّةَ في كِتابِ "المُغْنِي" وفي "الحَدائِقِ" مُسْتَوْفاةً، وذَكَرْتُ مَعْنى "فَتَبَيَّنُوا" في سُورَةِ [النِّساءِ: ٩٤]، والنَّبَأُ: الخَبَرُ، و "أنْ" بِمَعْنى "لِئَلّا"، والجَهالَةُ هاهُنا: أنْ يَجْهَلَ حالَ القَوْمِ، ﴿فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ﴾ مِن إصابَتِهِمْ بِالخَطَإ ﴿نادِمِينَ﴾ . ثُمَّ خَوَّفَهم فَقالَ: ﴿واعْلَمُوا أنَّ فِيكم رَسُولَ اللَّهِ﴾ أيْ: إنْ كَذَّبْتُمُوهُ أخْبَرَهُ اللَّهُ فافْتَضَحْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ﴿لَوْ يُطِيعُكم في كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ﴾ أيْ: مِمّا تُخْبِرُونَهُ فِيهِ بِالباطِلِ ﴿لَعَنِتُّمْ﴾ أيْ: لَوَقَعْتُمْ في عَنَتٍ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وهو الضَّرَرُ والفَسادُ. وقالَ غَيْرُهُ: هو الإثْمُ والهَلاكُ. وذَلِكَ أنَّ المُسْلِمِينَ لَمّا سَمِعُوا أنَّ أُولَئِكَ القَوْمَ قَدْ كَفَرُوا قالُوا: ابْعَثْ إلَيْهِمْ يا رَسُولَ اللَّهِ واغْزُهم واقْتُلْهُمْ؛ ثُمَّ خاطَبَ المُؤْمِنِينَ فَقالَ: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمانَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿والعِصْيانَ﴾، ثُمَّ عادَ إلى الخَبَرِ عَنْهم فَقالَ: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ﴾ (p-٤٦٢)أيِ: المُهْتَدُونَ إلى مَحاسِنِ الأُمُورِ، ﴿فَضْلا مِنَ اللَّهِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: فَفَعَلَ بِكم ذَلِكَ فَضْلًا، أيْ: لِلْفَضْلِ والنِّعْمَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب