الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ طائِفَتانِ. . .﴾ الآيَةُ، في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: ما رَوى البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: «قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: لَوْ أتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ: فَرَكِبَ حِمارًا وانْطَلَقَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ، فَلَمّا أتاهُ النَّبِيُّ ﷺ، قالَ: إلَيْكَ عَنِّي، فَواللَّهِ لَقَدْ آذانِي نَتَنُ حِمارِكَ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ: واللَّهِ لِحِمارُ رَسُولِ اللَّهِ أطْيَبُ رِيحًا مِنكَ، فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِن قَوْمِهِ، وغَضِبَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما أصْحابُهُ، فَكانَ بَيْنَهم ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ والأيْدِي والنِّعالِ، فَبَلَغَنا أنَّهُ أُنْزِلَتْ فِيهِمْ "وَإنْ طائِفَتانِ. . . " الآيَةُ.» وقَدْ أخْرَجا جَمِيعًا مِن حَدِيثِ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ، فَمَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ، فَخَمَّرَ ابْنُ أُبَيٍّ وجْهَهُ بِرِدائِهِ، وقالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنا، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وأنَّ (p-٤٦٣)المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ واليَهُودَ اسْتَبُّوا.» وقَدْ ذَكَرْتُ الحَدِيثَ بِطُولِهِ في "المُغْنِي" و "الحَدائِقِ" . وقالَ مُقاتِلٌ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى الأنْصارِ وهو عَلى حِمارٍ لَهُ، فَبالَ الحِمارُ، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أُفٍّ، وأمْسَكَ عَلى أنْفِهِ، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ: واللَّهِ لَهو أطْيَبُ رِيحًا مِنكَ، فَكانَ بَيْنَ قَوْمِ ابْنِ أُبَيٍّ وابْنِ رَواحَةَ ضَرْبٌ بِالنِّعالِ والأيْدِي والسَّعَفِ، ونَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.»
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّها نَزَلَتْ في رَجُلَيْنِ مِنَ الأنْصارِ كانَتْ بَيْنَهُما مُماراةٌ في حَقِّ بَيْنِهِما، فَقالَ أحَدُهُما: لَآخُذَنَّ حَقِّي عَنْوَةً، وذَلِكَ لِكَثْرَةِ عَشِيرَتِهِ، ودَعاهُ الآخَرُ لِيُحاكِمَهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمْ يَزَلِ الأمْرُ بَيْنَهُما حَتّى تَناوَلَ بَعْضُهم بَعْضًا بِالأيْدِي والنِّعالِ، قالَهُ قَتادَةُ. وقالَ مُجاهِدٌ: المُرادُ بِالطّائِفَتَيْنِ: الأوْسُ والخَزْرَجُ؛ اقْتَتَلُوا بِالعِصِيِّ بَيْنَهم. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ: "اقْتَتَلا" عَلى فِعْلِ اثْنَيْنِ مُذَكَّرَيْنِ. وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ النّاجِي، وأبُو الجَوْنِ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "اقْتَتَلَتا" بِتاءٍ وألْفٍ بَعْدَ اللّامِ عَلى فِعْلِ اثْنَيْنِ مُؤَنَّثَتَيْنِ. وقالَ الحَسَنُ وقَتادَةُ والسُّدِّيُّ ﴿فَأصْلِحُوا بَيْنَهُما﴾ بِالدُّعاءِ إلى حُكْمِ كِتابِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ والرِّضى بِما فِيهِ لَهُما وعَلَيْها ﴿فَإنْ بَغَتْ إحْداهُما﴾ طَلَبَتْ ما لَيْسَ لَها، ولَمْ تَرْجِعْ إلى الصُّلْحِ، ﴿فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ﴾ أيْ: تَرْجِعُ ﴿إلى أمْرِ اللَّهِ﴾ أيْ: إلى طاعَتِهِ في الصُّلْحِ الَّذِي أمَرَ بِهِ.
(p-٤٦٤)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأقْسِطُوا﴾ أيِ: اعْدِلُوا في الإصْلاحِ بَيْنَهُما.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّما المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: إذا كانُوا مُتَّفِقِينَ في دِينِهِمْ رَجَعُوا بِاتِّفاقِهِمْ إلى أصْلِ النَّسَبِ، لِأنَّهم لِآدَمَ وحَوّاءَ، فَإذا اخْتَلَفَتْ أدْيانُهُمُ افْتَرَقُوا في النَّسَبِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ﴾ قَرَأ الأكْثَرُونَ: ["بَيْنَ أخَوَيْكُمْ"] بِياءٍ عَلى التَّثْنِيَةِ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، ومُعاوِيَةُ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، وابْنُ جُبَيْرٍ، [وَقَتادَةُ]، وأبُو العالِيَةِ، وابْنُ يَعْمَرَ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ، ويَعْقُوبُ: "بَيْنَ إخْوَتِكُمْ" بِتاءٍ مَعَ كَسْرِ الهَمْزَةِ عَلى الجَمْعِ. وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وأبُو رَزِينٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، والحَسَنُ، والشَّعْبِيُّ، وابْنُ سِيرِينَ: "بَيْنَ إخْوانِكُمْ" بِالنُّونِ وألِفٍ قَبْلَها. قالَ قَتادَةُ: ويَعْنِي بِذَلِكَ الأوْسَ والخَزْرَجَ.
{"ayahs_start":9,"ayahs":["وَإِن طَاۤىِٕفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَاۤءَتۡ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ","إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"],"ayah":"إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَ أَخَوَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق