الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا تَهِنُوا﴾ أيْ: فَلا تَضْعُفُوا ﴿وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: "إلى السَّلْمِ" بِفَتْحِ السِّينِ؛ وقَرَأ حَمْزَةُ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: بِكَسْرِ السِّينِ، والمَعْنى: لا تَدْعُوا الكُفّارَ إلى الصُّلْحِ ابْتَداءً. وفي هَذا دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ لا يَجُوزُ طَلَبُ الصُّلْحِ مِنَ المُشْرِكِينَ، ودَلالَةٌ عَلى أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ صُلْحًا، لِأنَّهُ نَهاهُ عَنِ الصُّلْحِ.
(p-٤١٤)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ﴾ أيْ: أنْتُمْ أعَزُّ مِنهُمْ، والحُجَّةُ لَكُمْ، وآخِرُ الأمْرِ لَكم وإنْ غَلَبُوكم في بَعْضِ الأوْقاتِ ﴿واللَّهُ مَعَكُمْ﴾ بِالعَوْنِ والنُّصْرَةِ ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: لَنْ يَنْقُصَكم ولَنْ يَظْلِمَكُمْ، يُقالُ: وتَرْتَنِي حَقِّي، أيْ: بَخَسْتَنِيهِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: المَعْنى: لَنْ يَنْقُصَكم مِن ثَوابِ أعْمالِكم شَيْئًا.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يَسْألْكم أمْوالَكُمْ﴾ أيْ: لَنْ يَسْألَكُمُوها كُلَّها.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾ قالَ الفَرّاءُ: يُجْهِدْكم. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُلِحَّ عَلَيْكم بِما يُوجِبُهُ في أمْوالِكم ﴿تَبْخَلُوا﴾، [يُقالُ: أحْفانِي بِالمَسْألَةِ وألْحَفَ: إذا ألَحَّ. وقالَ السُّدِّيُّ: إنْ يَسْألْكم جَمِيعَ ما في أيْدِيكم تَبْخَلُوا] .
﴿وَيُخْرِجْ أضْغانَكُمْ﴾ وقَرَأ سَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ يَعْمَرَ: "وَيُخْرَجُ" بِياءٍ مَرْفُوعَةٍ وفَتْحِ الرّاءِ "أضْغانُكُمْ" بِالرَّفْعِ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبُو رَزِينٍ، وعِكْرِمَةُ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، والجَحْدَرِيُّ: "وَتَخْرُجُ" بِتاءٍ مَفْتُوحَةٍ ورَفْعِ الرّاءِ "أضْغانُكُمْ" بِالرَّفْعِ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، والوَلِيدُ عَنْ (p-٤١٥)يَعْقُوبَ: "وَنَخْرِجُ" بِنُونٍ مَرْفُوعَةٍ وكَسْرِ الرّاءِ "أضْغانَكُمْ" بِنَصْبِ النُّونِ، أيْ: يُظْهِرُ بُغْضَكم وعَداوَتَكم لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ ﷺ؛ ولَكِنَّهُ فَرَضَ عَلَيْكم يَسِيرًا.
وَفِيمَن يُضافُ إلَيْهِ هَذا الإخْراجُ وجْهانِ.
أحَدُهُما: إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. والثّانِي: البُخْلُ، حَكاهُما الفَرّاءُ. وقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ الزَّكاةِ، ولَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأنّا قَدْ بَيَّنّا أنَّ مَعْنى الآيَةِ: إنْ يَسْألْكم جَمِيعَ أمْوالِكُمْ؛ والزَّكاةُ لا تُنافِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي ما فُرِضَ عَلَيْكم في أمْوَلِكم ﴿فَمِنكم مَن يَبْخَلُ﴾ بِما فُرِضَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكاةِ ﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإنَّما يَبْخَلْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ أيْ: عَلى نَفْسِهِ بِما يَنْفَعُها في الآخِرَةِ ﴿واللَّهُ الغَنِيُّ﴾ عَنْكم وعَنْ أمْوالِكم ﴿وَأنْتُمُ الفُقَراءُ﴾ إلَيْهِ وإلى ما عِنْدَهُ مِنَ الخَيْرِ والرَّحْمَةِ ﴿وَإنْ تَتَوَلَّوْا﴾ عَنْ طاعَتِهِ ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أطْوَعُ لَهُ مِنكم ﴿ثُمَّ لا يَكُونُوا أمْثالَكُمْ﴾ بَلْ خَيْرًا مِنكم. وفي هَؤُلاءِ القَوْمِ ثَمانِيَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُمُ العَجَمُ، قالَهُ الحَسَنُ. وفِيهِ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أبُو هُرَيْرَةَ قالَ: «لَمّا نَزَلَتْ ﴿وَإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ كانَ سَلْمانُ إلى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، مَن هَؤُلاءِ الَّذِينَ إذا تَوَلَّيْنا اسْتُبْدِلُوا بِنا؟ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [يَدَهُ] عَلى مَنكِبِ سَلْمانَ، فَقالَ: "هَذا وقَوْمُهُ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أنَّ الدِّينَ مُعَلَّقٌ بِالثُّرَيّا لَتَناوَلَهُ رِجالٌ مِن فارِسَ" .» والثّانِي: فارِسُ والرُّومُ، قالَهُ (p-٤١٦)عِكْرِمَةُ. والثّالِثُ: مَن يَشاءُ مِن جَمِيعِ النّاسِ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والرّابِعُ: يَأْتِي بِخَلْقٍ جَدِيدٍ غَيْرِكُمْ، وهو مَعْنى قَوْلِ قَتادَةَ. والخامِسُ: كِنْدَةُ والنَّخَعُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والسّادِسُ: أهْلُ اليَمَنِ، قالَهُ راشِدُ بْنُ سَعْدٍ، وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، وشُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ. والسّابِعُ: الأنْصارُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّامِنُ: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ، حَكاهُ الزَّجّاجُ وقالَ: فِيهِ بُعْدٌ [لِأنَّهُ] لا يُقالُ لِلْمَلائِكَةِ "قَوْمٌ"، إنَّما يُقالُ ذَلِكَ (p-٤١٧)لِلْآدَمِيِّينَ؛ قالَ: وقَدْ قِيلَ: إنْ تَوَلّى أهْلُ مَكَّةَ اسْتَبْدَلَ اللَّهُ بِهِمْ أهْلَ المَدِينَةِ، وهَذا [مَعْنى] ما ذَكَرْنا عَنْ مُقاتِلٍ.
{"ayahs_start":35,"ayahs":["فَلَا تَهِنُوا۟ وَتَدۡعُوۤا۟ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن یَتِرَكُمۡ أَعۡمَـٰلَكُمۡ","إِنَّمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱۚ وَإِن تُؤۡمِنُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ یُؤۡتِكُمۡ أُجُورَكُمۡ وَلَا یَسۡـَٔلۡكُمۡ أَمۡوَ ٰلَكُمۡ","إِن یَسۡـَٔلۡكُمُوهَا فَیُحۡفِكُمۡ تَبۡخَلُوا۟ وَیُخۡرِجۡ أَضۡغَـٰنَكُمۡ","هَـٰۤأَنتُمۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن یَبۡخَلُۖ وَمَن یَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا یَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِیُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَـٰلَكُم"],"ayah":"هَـٰۤأَنتُمۡ هَـٰۤؤُلَاۤءِ تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن یَبۡخَلُۖ وَمَن یَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا یَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِۦۚ وَٱللَّهُ ٱلۡغَنِیُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُۚ وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَـٰلَكُم"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











