الباحث القرآني
(p-٤٠٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ في المُخاطَبِ بِهَذا أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: المُنافِقُونَ، وهو الظّاهِرُ. والثّانِي: مُنافِقُو اليَهُودِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: الخَوارِجُ، قالَهُ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ. والرّابِعُ: قُرَيْشٌ، حَكاهُ جَماعَةٌ مِنهُمُ الماوَرْدِيُّ.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿تَوَلَّيْتُمْ﴾ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى الإعْراضِ. فالمَعْنى: إنْ أعْرَضْتُمْ عَنِ الإسْلامِ ﴿أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ﴾ بِأنْ تَعُودُوا إلى الجاهِلِيَّةِ يَقْتُلُ بَعْضُكم بَعْضًا، ويُغِيرُ بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ، ذَكَرَهُ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ.
والثّانِي: أنَّهُ مِنَ الوِلايَةِ لِأُمُورِ النّاسِ، قالَهُ القُرَظِيُّ. فَعَلى هَذا يَكُونُ مَعْنى "أنْ تُفْسِدُوا في الأرْضِ": بِالجَوْرِ والظُّلْمِ.
وَقَرَأ يَعْقُوبُ: "وَتَقْطَعُوا" بِفَتْحِ التّاءِ والطّاءِ وتَخْفِيفِها وسُكُونِ القافِ. ثُمَّ ذَمَّ مَن يُرِيدُ ذَلِكَ بِالآيَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ.
(p-٤٠٨)وَما بَعْدَ هَذا قَدْ سَبَقَ [النِّساءِ: ٨٢] إلى قَوْلِهِ: ﴿أمْ عَلى قُلُوبٍ أقْفالُها﴾ "أمْ" بِمَعْنى "بَلْ"، وذِكْرُ الأقْفالِ اسْتِعارَةٌ، والمُرادُ أنَّ القَلْبَ يَكُونُ كالبَيْتِ المُقْفَلِ لا يَصِلُ إلَيْهِ الهُدى. [قالَ مُجاهِدٌ]: الرّانُ أيْسَرُ مِنَ الطَّبْعِ، والطَّبْعُ أيْسَرُ مِنَ الإقْفالِ، والإقْفالُ أشَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ، وقالَ خالِدُ بْنُ مَعْدانَ: مامِن آدَمِيٍّ إلّا ولَهُ أرْبَعُ أعْيُنٍ، عَيْنانِ في رَأْسِهِ لِدُنْياهُ وما يُصْلِحُهُ مِن مَعِيشَتِهِ، وعَيْنانِ في قَلْبِهِ لِدِينِهِ وما وعَدَ اللَّهُ مِنَ الغَيْبِ، فَإذا أرادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أبْصَرَتْ عَيْناهُ اللَّتانِ في قَلْبِهِ، وإذا أرادَ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ طُمِسَ عَلَيْهِما، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: "أمْ عَلى قُلُوبٍ أقْفالُها" .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أدْبارِهِمْ﴾ أيْ: رَجَعُوا كُفّارًا؛ وفِيهِمْ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُنافِقُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ. والثّانِي: أنَّهُمُ اليَهُودُ، قالَهُ قَتادَةُ، ومُقاتِلٌ. ﴿مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدى﴾ أيْ: مِن بَعْدِ ما وضَحَ لَهُمُ الحَقُّ. ومَن قالَ: هُمُ اليَهُودُ، قالَ: مِن بَعْدِ أنْ (p-٤٠٩)تَبَيَّنَ لَهم وصْفُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ونَعْتُهُ في كِتابِهِمْ. و سَوَّلَ بِمَعْنى زَيَّنَ. ﴿وَأمْلى لَهُمْ﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو، وزَيْدٌ عَنْ يَعْقُوبَ: "وَأُمْلِيَ لَهُمْ" بِضَمِّ الهَمْزَةِ وكَسْرِ اللّامِ وبَعْدَها ياءٌ مَفْتُوحَةٌ. وقَرَأ يَعْقُوبُ إلّا زَيْدًا، وأبانُ عَنْ عاصِمٍ كَذَلِكَ، إلّا أنَّهُما أسْكَنا الياءَ. وقَرَأ الباقُونَ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ واللّامِ. وقَدْ سَبَقَ مَعْنى الإمْلاءِ [آلِ عِمْرانَ: ١٧٨، الأعْرافِ: ١٨٣] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: الأمْرُ ذَلِكَ، أيْ: ذَلِكَ الإضْلالُ بِقَوْلِهِمْ ﴿لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ﴾ وفي الكارِهِينَ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُنافِقُونَ، فَعَلى هَذا في مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿سَنُطِيعُكم في بَعْضِ الأمْرِ﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: في القُعُودِ عَنْ نُصْرَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّانِي: في المَيْلِ إلَيْكم والمُظاهَرَةِ عَلى مُحَمَّدٍ ﷺ . والثّالِثُ: في الِارْتِدادِ بَعْدَ الإيمانِ، حَكاهُما الماوَرْدِيُّ.
والثّانِي: أنَّهُمُ اليَهُودُ، فَعَلى هَذا في الَّذِي أطاعُوهم فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: في أنْ لا يُصَدِّقُوا شَيْئًا مِن مَقالَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قالَهُ الضَّحّاكُ. والثّانِي: في كَتْمِ ما عَلِمُوهُ مِن نُبُوَّتِهِ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
﴿واللَّهُ يَعْلَمُ إسْرارَهُمْ﴾ قَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، والوَلِيدُ عَنْ يَعْقُوبَ: بِكَسْرِ الألِفِ عَلى أنَّهُ مَصْدَرُ أسْرَرْتُ؛ وقَرَأ الباقُونَ: بِفَتْحِها عَلى أنَّهُ جَمْعُ سِرٍّ، والمَعْنى أنَّهُ يَعْلَمُ ما بَيْنَ اليَهُودِ والمُنافِقِينَ مِنَ السِّرِّ.
(p-٤١٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَكَيْفَ إذا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ﴾ أيْ: فَكَيْفَ يَكُونُ حالُهم حِينَئِذٍ؟ وقَدْ بَيَّنّا في [الأنْفالِ: ٥٠] مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهم وأدْبارَهُمْ﴾ .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ﴾ أيْ: كَرِهُوا ما فِيهِ الرِّضْوانِ، وهو الإيمانُ والطّاعَةُ.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ","أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَاۤ","إِنَّ ٱلَّذِینَ ٱرۡتَدُّوا۟ عَلَىٰۤ أَدۡبَـٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى ٱلشَّیۡطَـٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوا۟ لِلَّذِینَ كَرِهُوا۟ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِیعُكُمۡ فِی بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ","فَكَیۡفَ إِذَا تَوَفَّتۡهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَـٰرَهُمۡ","ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُوا۟ مَاۤ أَسۡخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُوا۟ رِضۡوَ ٰنَهُۥ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَـٰلَهُمۡ"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











