الباحث القرآني

(p-٣٥٤)سُورَةُ الجاثِيَةِ وَتُسَمّى سُورَةَ الشَّرِيعَةِ رَوى العَوْفِيُّ وابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها مَكِّيَّةٌ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ، [وَعِكْرِمَةَ]، ومُجاهِدٍ، وقَتادَةَ، والجُمْهُورِ. وقالَ مُقاتِلٌ: هي مَكِّيَّةٌ كُلُّها. وحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ أنَّهُما قالا: هي مَكِّيَّةٌ إلّا آيَةً، وهي قَوْلُهُ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا﴾ [الجاثِيَةِ: ١٤] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حم﴾ . ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ﴾ قَدْ شَرَحْناهُ في أوَّلِ [المُؤْمِنِ] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ أيْ: مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ إلى أنْ يَتَكامَلَ خَلْقُ الإنْسانِ ﴿وَما يَبُثُّ مِن دابَّةٍ﴾ أيْ: وما يُفَرِّقُ في الأرْضِ مِن جَمِيعِ ما خَلَقَ عَلى اخْتِلافِ ذَلِكَ في الخَلْقِ والصُّوَرِ ﴿آياتُ﴾ تَدُلُّ عَلى وحْدانِيَّتِهِ. قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وعاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "آياتٌ" رَفْعًا "وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ" رَفْعًا أيْضًا. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: بِالكَسْرِ فِيهِما. والرِّزْقُ هاهُنا بِمَعْنى المَطَرِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تِلْكَ آياتُ اللَّهِ﴾ أيْ: هَذِهِ حُجَجُ اللَّهِ ﴿نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالحَقِّ فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ﴾ أيْ: بَعْدَ حَدِيثِهِ ﴿وَآياتِهِ﴾ يُؤْمِنُ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ؟! قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أفّاكٍ أثِيمٍ﴾ رَوى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها نَزَلَتْ في النَّضْرِ بْنِ الحارِثِ. وقَدْ بَيَّنّا مَعْناها في [الشُّعَراءِ: ٢٢٢]، والآيَةُ الَّتِي تَلِيها مُفَسَّرَةٌ في [لُقْمانَ: ٧] . (p-٣٥٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا عَلِمَ مِن آياتِنا شَيْئًا﴾ قالَ مُقاتِلٌ: مَعْناهُ: إذا سَمِعَ. وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: "وَإذا عُلِّمَ" بِرَفْعِ العَيْنِ وكَسْرِ اللّامِ وتَشْدِيدِها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اتَّخَذَها هُزُوًا﴾ أيْ: سَخِرَ مِنها، وذَلِكَ كَفِعْلِ أبِي جَهْلٍ حِينَ نَزَلَتْ: ﴿إنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ﴾ ﴿طَعامُ الأثِيمِ﴾ [الدُّخانِ: ٤٣، ٤٤] فَدَعا بِتَمْرٍ وزُبْدٍ، وقالَ: تَزَقَّمُوا فَما يَعِدُكم مُحَمَّدٌ إلّا هَذا. وإنَّما قالَ: " أُولَئِكَ " لِأنَّهُ رَدَّ الكَلامَ إلى مَعْنى "كُلٍّ" . ﴿مِن ورائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ قَدْ فَسَّرْناهُ في [إبْراهِيمَ: ١٦] ﴿وَلا يُغْنِي عَنْهم ما كَسَبُوا شَيْئًا﴾ مِنَ الأمْوالِ، ولا ما عَبَدُوا مِنَ الآلِهَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَذا هُدًى﴾ يَعْنِي القُرْآنَ ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بِهِ، ﴿لَهم عَذابٌ مِن رِجْزٍ ألِيمٌ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: "ألِيمٌ" بِالرَّفْعِ عَلى نَعْتِ العَذابِ. وقَرَأ الباقُونَ: بِالكَسْرِ عَلى نَعْتِ الرِّجْزِ. والرِّجْزُ بِمَعْنى العَذابِ، وقَدْ شَرَحْناهُ في [الأعْرافِ: ١٣٤] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿جَمِيعًا مِنهُ﴾ أيْ: ذَلِكَ التَّسْخِيرُ مِنهُ لا مِن غَيْرِهِ، فَهو مِن فَضْلِهِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو مِجْلَزٍ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، والجَحْدَرِيُّ: "جَمِيعًا مِنَّةً" بِفَتْحِ النُّونِ وتَشْدِيدِها وتاءٍ مَنصُوبَةٍ مُنَوَّنَةٍ. وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "مَنُّهُ" بِفَتْحِ المِيمِ ورَفْعِ النُّونِ والهاءِ مُشَدَّدَةَ النُّونِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب