الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إلَهٌ وفي الأرْضِ إلَهٌ﴾ قالَ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ: يُعْبَدُ في السَّماءِ ويُعْبَدُ في الأرْضِ. وقالَ الزَّجّاجُ: هو المُوَحَّدُ في السَّماءِ وفي الأرْضِ. وقَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ، وابْنُ يَعْمَرَ، والجَحْدَرِيُّ: "فِي السَّماءِ اللَّهُ وفي الأرْضِ اللَّهُ" بِألِفٍ ولامٍ مِن غَيْرِ تَنْوِينٍ ولا هَمْزٍ فِيهِما. وما بَعْدَ هَذا سَبَقَ بَيانُهُ [الأعْرافِ: ٥٤، لُقْمانَ: ٣٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفاعَةَ﴾ سَبَبُ نُزُولِها أنَّ النَّضَرَ بْنَ الحارِثِ ونَفَرًا مَعَهُ قالُوا: إنْ كانَ ما يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقًّا، فَنَحْنُ نَتَوَلّى المَلائِكَةَ، فَهم أحَقُّ بِالشَّفاعَةِ مِن مُحَمَّدٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ.
(p-٣٣٤)وَفِي مَعْنى الآيَةِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ أرادَ بِالَّذِينِ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ: آلِهَتَهُمْ، ثُمَّ اسْتَثْنى عِيسى وعُزَيْرًا والمَلائِكَةَ، فَقالَ: ﴿إلا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ﴾ وهو أنْ يَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ ﴿وَهم يَعْلَمُونَ﴾ بِقُلُوبِهِمْ ما شَهِدُوا بِهِ بِألْسِنَتِهِمْ، وهَذا مَذْهَبُ الأكْثَرِينَ، مِنهم قَتادَةُ.
والثّانِي: أنَّ المُرادَ بِالَّذِينِ يَدْعُونَ: عِيسى وعُزَيْرٌ والمَلائِكَةُ الَّذِينَ عَبَدَهُمُ المُشْرِكُونَ بِاللَّهِ لا يَمْلِكُ هَؤُلاءِ الشَّفاعَةَ لِأحَدٍ ﴿إلا مَن شَهِدَ﴾ أيْ: [إلّا] لِمَن شَهِدَ ﴿بِالحَقِّ﴾ وهي كَلِمَةُ الإخْلاصِ ﴿وَهم يَعْلَمُونَ﴾ أنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ خَلَقَ عِيسى وعُزَيْرًا والمَلائِكَةَ، وهَذا مَذْهَبُ قَوْمٍ، مِنهم مُجاهِدٌ. وفي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ شَرْطَ جَمِيعِ الشَّهاداتِ أنْ يَكُونَ الشّاهِدُ عالِمًا بِما يَشْهَدُ بِهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَقِيلِهِ يا رَبِّ﴾ قالَ قَتادَةُ: هَذا نَبِيُّكم يَشْكُو قَوْمَهُ إلى رَبِّهِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: شَكا إلى اللَّهِ تَخَلُّفَ قَوْمِهِ عَنِ الإيمانِ. قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو عَمْرٍو: "وَقِيلَهُ" بِنَصْبِ اللّامِ؛ وفِيها ثَلاثَةُ أوْجُهٍ.
أحَدُها: أنَّهُ أضْمَرَ مَعَها قَوْلًا، كَأنَّهُ قالَ: وقالَ قِيلَهُ، وشَكا شَكْواهُ إلى رَبِّهِ.
والثّانِي: أنَّهُ عُطِفَ عَلى قَوْلِهِ: أمْ يَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهم ونَجْواهم وقِيلَهُ؛ فالمَعْنى: ونَسْمَعُ قِيلَهُ، ذَكَرَ القَوْلَيْنِ الفَرّاءُ، والأخْفَشُ.
والثّالِثُ: أنَّهُ مَنصُوبٌ عَلى مَعْنى: وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ ويَعْلَمُ قِيلَهُ، لِأنَّ مَعْنى "وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ": يَعْلَمُ السّاعَةَ ويَعْلَمُ قِيلَهُ، هَذا اخْتِيارُ الزَّجّاجِ. وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ: "وَقِيلِهِ" بِكَسْرِ اللّامِ والهاءِ حَتّى تَبْلُغَ إلى الياءِ؛ والمَعْنى: وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وعِلْمُ قِيلِهِ. وقَرَأ أبُو هُرَيْرَةَ، وأبُو رَزِينٍ، (p-٣٣٥)وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وأبُو رَجاءٍ، والجَحْدَرِيُّ، وقَتادَةُ، وحُمَيْدٌ: بِرَفْعِ اللّامِ؛ والمَعْنى: ونِداؤُهُ هَذِهِ الكَلِمَةُ: يارَبِّ؛ ذَكَرَ عِلَّةَ الخَفْضِ والرَّفْعِ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاصْفَحْ عَنْهُمْ﴾ أيْ: فَأعْرِضْ عَنْهم ﴿وَقُلْ سَلامٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: قُلْ خَيْرًا بَدَلًا مِن شَرِّهِمْ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
والثّانِي: ارْدُدْ [عَلَيْهِمْ] مَعْرُوفًا، قالَهُ مُقاتِلٌ.
والثّالِثُ: قُلْ ما تَسْلَمُ بِهِ مِن شَرِّهِمْ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ.
﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: يَعْلَمُونَ عاقِبَةَ كُفْرِهِمْ. والثّانِي: أنَّكَ صادِقٌ. والثّالِثُ: حُلُولُ العَذابِ بِهِمْ، وهَذا تَهْدِيدٌ لَهُمْ: "فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ" . وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ: "تَعْلَمُونَ" بِالتّاءِ. ومَن قَرَأ بِالياءِ، فَعَلى الأمْرِ لِلنَّبِيِّ ﷺ بِأنْ يُخاطِبَهم بِهَذا، قالَهُ مُقاتِلٌ؛ فَنَسَخَتْ آيَةُ السَّيْفِ الإعْراضَ والسَّلامَ.
{"ayahs_start":84,"ayahs":["وَهُوَ ٱلَّذِی فِی ٱلسَّمَاۤءِ إِلَـٰهࣱ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَـٰهࣱۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ","وَتَبَارَكَ ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَلَا یَمۡلِكُ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَـٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ","وَقِیلِهِۦ یَـٰرَبِّ إِنَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ قَوۡمࣱ لَّا یُؤۡمِنُونَ","فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَـٰمࣱۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"وَلَا یَمۡلِكُ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَـٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق