الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي أنْزَلَ الكِتابَ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ ﴿بِالحَقِّ﴾ أيْ: لَمْ يُنْزِلْهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ ﴿والمِيزانَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ العَدْلُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ، والجُمْهُورُ. والثّانِي: أنَّهُ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ، حُكِيَ عَنْ مُجاهِدٍ. ومَعْنى إنْزالِهِ: إلْهامُ الخَلْقِ أنْ يَعْمَلُوا بِهِ، وأمْرُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ إيّاهم بِالإنْصافِ. وسُمِّي العَدْلُ مِيزانًا؛ لِأنَّ المِيزانَ آلَةُ الإنْصافِ والتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الخَلْقِ. وتَمامُ الآيَةِ مَشْرُوحٌ في [الأحْزابِ: ٦٣] .
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِها الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها﴾ لِأنَّهم لا يَخافُونَ ما فِيها، إذْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِكَوْنِها، فَهم يَطْلُبُونَ قِيامَها اسْتِبْعادًا واسْتِهْزاءً ﴿والَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ﴾ أيْ: خائِفُونَ ﴿مِنها﴾ لِأنَّهم يَعْلَمُونَ أنَّهم مُحاسَبُونَ ومَجْزِيُّونَ، ولا يَدْرُونَ ما يَكُونُ مِنهم ﴿وَيَعْلَمُونَ أنَّها الحَقُّ﴾ أيْ: أنَّها كائِنَةٌ لا مَحالَةَ ﴿ألا إنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ في السّاعَةِ﴾ أيْ: يُخاصِمُونَ في كَوْنِها ﴿لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ﴾ حِينَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا، فَيَعْلَمُوا قُدْرَةَ اللَّهِ عَلى إقامَتِها.
(p-٢٨١)﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ﴾ قَدْ شَرَحْنا مَعْنى [اسْمِهِ] "اللَّطِيفِ" في [الأنْعامِ: ١٠٣] . وفي عِبادِهِ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ. والثّانِي: أنَّهُ عامٌّ في الكُلِّ. ولُطْفُهُ بِالفاجِرِ: أنَّهُ لا يُهْلِكُهُ.
﴿يَرْزُقُ مَن يَشاءُ﴾ أيْ: يُوَسِّعُ لَهُ الرِّزْقَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: عَمَلَ الآخِرَةِ، يُقالُ: فُلانٌ يَحْرُثُ الدُّنْيا، أيْ: يَعْمَلُ لَها ويَجْمَعُ المالَ؛ فالمَعْنى: مَن أرادَ بِعَمَلِهِ الآخِرَةَ ﴿نَزِدْ لَهُ في حَرْثِهِ﴾ أيْ: نُضاعِفُ لَهُ الحَسَناتِ.
قالَ المُفَسِّرُونَ: مَن أرادَ العَمَلَ لِلَّهِ بِما يُرْضِيهِ، أعانَهُ اللَّهُ عَلى عِبادَتِهِ، ومَن أرادَ الدُّنْيا مُؤْثِرًا لَها عَلى الآخِرَةِ لِأنَّهُ غَيْرُ مُؤْمِنٍ بِالآخِرَةِ، يُؤْتِهُ مِنها، وهو الَّذِي قَسَّمَ لَهُ، ﴿وَما لَهُ في الآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ﴾ لِأنَّهُ كافِرٌ بِها لَمْ يَعْمَلْ لَها.
* فَصْلٌ
اتَّفَقَ العُلَماءُ عَلى أنَّ أوَّلَ هَذِهِ الآيَةِ إلى "حَرْثِهِ" مُحْكَمٌ، واخْتَلَفُوا في باقِيها عَلى قَوْلَيْنِ.
(p-٢٨٢)أحَدُهُما: [أنَّهُ] مَنسُوخٌ بِقَوْلِهِ: ﴿عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَن نُرِيدُ﴾ [الإسْراءِ: ١٨]، وهَذا قَوْلُ جَماعَةٍ مِنهم مُقاتِلٌ.
والثّانِي: أنَّ الآيَتَيْنِ مُحْكَمَتانِ مُتَّفِقَتانِ في المَعْنى، لِأنَّهُ لَمْ يُقَلْ في هَذِهِ الآيَةِ: نُؤْتِهِ مُرادَهُ، فَعُلِمَ أنَّهُ إنَّما يُؤْتِيهِ اللَّهُ ما أرادَ، وهَذا مُوافِقٌ لِقَوْلِهِ: "لِمَن نُرِيدُ"، ويُحَقِّقُ هَذا أنَّ لَفْظَ الآيَتَيْنِ لَفْظُ الخَبَرِ ومَعْناهُما مَعْنى الخَبَرِ، وذَلِكَ لا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ، وهَذا مَذْهَبُ جَماعَةٍ مِنهم قَتادَةُ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ وَٱلۡمِیزَانَۗ وَمَا یُدۡرِیكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِیبࣱ","یَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَیَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَاۤ إِنَّ ٱلَّذِینَ یُمَارُونَ فِی ٱلسَّاعَةِ لَفِی ضَلَـٰلِۭ بَعِیدٍ","ٱللَّهُ لَطِیفُۢ بِعِبَادِهِۦ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡعَزِیزُ","مَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلۡـَٔاخِرَةِ نَزِدۡ لَهُۥ فِی حَرۡثِهِۦۖ وَمَن كَانَ یُرِیدُ حَرۡثَ ٱلدُّنۡیَا نُؤۡتِهِۦ مِنۡهَا وَمَا لَهُۥ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِن نَّصِیبٍ"],"ayah":"ٱللَّهُ لَطِیفُۢ بِعِبَادِهِۦ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡعَزِیزُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق