الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أنْفُسِهِمْ﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: في الآفاقِ: فَتْحُ أقْطارِ الأرْضِ، وفي أنْفُسِهِمْ: فَتْحُ مَكَّةَ، قالَهُ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، والسُّدِّيُّ. والثّانِي: أنَّها في الآفاقِ: وقائِعُ اللَّهِ في الأُمَمِ الخالِيَةِ، وفي أنْفُسِهِمْ: يَوْمُ بَدْرٍ، قالَهُ قَتادَةُ، ومُقاتِلٌ. والثّالِثُ: أنَّها في الآفاقِ: إمْساكُ القَطْرِ عَنِ الأرْضِ كُلِّها، وفي أنْفُسِهِمْ: البَلايا الَّتِي تَكُونُ في أجْسادِهِمْ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ. والرّابِعُ: أنَّها في الآفاقِ: آياتُ السَّماءِ كالشَّمْسِ والقَمَرِ والنُّجُومِ، وفي أنْفُسِهِمْ: (p-٢٦٨)حَوادِثُ الأرْضِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وحُكِيَ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ أنَّ الَّتِي في أنْفُسِهِمْ: سَبِيلُ الغائِطِ والبَوْلِ، فَإنَّ الإنْسانَ يَأْكُلُ ويَشْرَبُ مِن مَكانٍ واحِدٍ، ويُخْرِجُ مِن مَكانَيْنِ. والخامِسُ: أنَّها في الآفاقِ: آثارُ مَن مَضى قَبْلَهم مِنَ المُكَذِّبِينَ، وفي أنْفُسِهِمْ: كَوْنُهم خُلِقُوا نُطَفًا ثُمَّ عَلَقًا ثُمَّ مُضَغًا ثُمَّ عِظامًا إلى أنْ نُقِلُوا إلى العَقْلِ والتَّمْيِيزِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهم أنَّهُ الحَقُّ﴾ في هاءِ الكِنايَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى القُرْآنِ. والثّانِي: إلى جَمِيعِ ما دَعاهم إلَيْهِ الرَّسُولُ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: مَعْنى الآيَةِ: حَتّى يَعْلَمُوا حَقِيقَةَ ما أنْزَلْنا عَلى مُحَمَّدٍ وأوْحَيْنا إلَيْهِ مِنَ الوَعْدِ لَهُ بِأنّا مُظْهِرُو دِينِهِ عَلى الأدْيانِ كُلِّها. ﴿أوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ أيْ: أوْلَمَ يَكْفِ بِهِ أنَّهُ شاهِدٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ؟! قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: أوْ لَمْ يَكْفِهِمْ شَهادَةُ رَبِّكَ؟! (p-٢٦٩)وَمَعْنى الكِفايَةِ هاهُنا: أنَّهُ قَدْ بَيَّنَ لَهم ما فِيهِ كِفايَةٌ في الدَّلالَةِ عَلى تَوْحِيدِهِ وتَثْبِيتِ رُسُلِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب