الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَمَن أحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعا إلى اللَّهِ﴾ فِيمَن أُرِيدَ بِهَذا ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُمُ المُؤَذِّنُونَ. رَوى جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: "نَزَلَتْ في المُؤَذِّنِينَ"،» وهَذا قَوْلُ عائِشَةَ، ومُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ. (p-٢٥٧)والثّانِي: أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَعا إلى شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ المُؤْمِنُ أجابَ اللَّهَ إلى ما دَعاهُ، ودَعا النّاسَ إلى ذَلِكَ ﴿وَعَمِلَ صالِحًا﴾ في إجابَتِهِ، قالَهُ الحَسَنُ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَمِلَ صالِحًا﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: صَلّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الأذانِ، وهو قَوْلُ عائِشَةَ، ومُجاهِدٍ. ورَوى إسْماعِيلُ بْنُ أبِي خالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ: ﴿وَمَن أحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعا إلى اللَّهِ﴾ قالَ: الأذانُ ﴿وَعَمِلَ صالِحًا﴾ قالَ: الصَّلاةُ بَيْنَ الأذانِ والإقامَةِ. والثّانِي: أدّى الفَرائِضَ وقامَ لِلَّهِ بِالحُقُوقِ، قالَهُ عَطاءٌ. والثّالِثُ: صامَ وصَلّى، قالَهُ عِكْرِمَةُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ ولا السَّيِّئَةُ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: "لا" زائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ؛ والمَعْنى: ولا تَسْتَوِي [الحَسَنَةُ] والسَّيِّئَةُ. ولِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِما ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ الحَسَنَةَ: الإيمانُ، والسَّيِّئَةَ: الشِّرْكُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. (p-٢٥٨)والثّانِي: الحِلْمُ والفُحْشُ، قالَهُ الضَّحّاكُ. والثّالِثُ: النُّفُورُ والصَّبْرُ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ وذَلِكَ كَدَفْعِ الغَضَبِ بِالصَّبْرِ، والإساءَةِ بِالعَفْوِ، فَإذا فَعْلْتَ ذَلِكَ صارَ الَّذِي بَيْنَكَ وبَيْنَهُ عَداوَةٌ كالصَّدِيقِ القَرِيبِ. وقالَ عَطاءٌ: هو السَّلامُ عَلى مَن تُعادِيهِ إذا لَقِيتَهُ. قالَ المُفَسِّرُونَ: وهَذِهِ الآيَةُ مَنسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما يُلَقّاها﴾ أيْ: ما يُعْطاها. قالَ الزَّجّاجُ: ما يُلَقّى هَذِهِ الفَعْلَةَ: وهي دَفْعُ السَّيِّئَةِ بِالحَسَنَةِ ﴿إلا الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ عَلى كَظْمِ الغَيْظِ ﴿وَما يُلَقّاها إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ مِنَ الخَيْرِ. وقالَ السُّدِّيُّ: إلّا ذُو جَدٍّ. وقالَ قَتادَةُ: الحَظُّ العَظِيمُ: الجَنَّةُ؛ فالمَعْنى: ما يُلَقّاها إلّا مَن وجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإمّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ﴾ قَدْ فَسَّرْناهُ في [الأعْرافِ: ٢٠٠] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب