الباحث القرآني

﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آياتِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي القُرْآنَ، يَقُولُونَ: لَيْسَ مِن عِنْدِ اللَّهِ، ﴿أنّى يُصْرَفُونَ﴾ أيْ: كَيْفَ صُرِفُوا عَنِ الحَقِّ إلى الباطِلِ؟! وفِيهِمْ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُشْرِكُونَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُمُ القَدَرِيَّةُ، ذَكَرَهُ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ. وكانَ ابْنَ سِيرِينَ يَقُولُ: إنْ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ في القَدَرِيَّةِ فَلا أدْرِي فِيمَن نَزَلَتْ. وَقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو رَزِينٍ، وأبُو مِجْلَزٍ، والضَّحّاكُ، وابْنُ يَعْمَرَ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: "والسَّلاسِلَ يَسْحَبُونَ" بِفَتْحِ اللّامِ والياءِ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: إذا سَحَبُوها كانَ أشَدَّ عَلَيْهِمْ. (p-٢٣٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يُسْجَرُونَ﴾ قالَ مُجاهِدٌ: تُوقَدُ بِهِمُ النّارُ فَصارُوا وقُودَها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ مُفَسَّرٌ في [الأعْرافِ: ١٩٠] . وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهم أرادُوا أنَّ الأصْنامَ لَمْ تَكُنْ شَيْئًا، لِأنَّها لَمْ تَكُنْ تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّهم قالُوهُ عَلى وجْهِ الجُحُودِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ: كَما أضَلَّ اللَّهُ هَؤُلاءِ يُضِلُّ الكافِرِينَ. ﴿ذَلِكُمْ﴾ العَذابُ الَّذِي نَزَلَ بِكم ﴿بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ أيْ: بِالباطِلِ ﴿وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ وقَدْ شَرَحْنا المَرَحَ في [بَنِي إسْرائِيلَ: ٣٧] . وما بَعْدَ هَذا قَدْ تَقَدَّمَ بِتَمامِهِ [النَّحْلِ: ٢٩، يُونُسَ: ١٠٩، النِّساءِ: ١٦٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿وَما كانَ لِرَسُولٍ أنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إلا بِإذْنِ اللَّهِ﴾ وذَلِكَ لِأنَّهم كانُوا يَقْتَرِحُونَ عَلَيْهِ الآياتِ ﴿فَإذا جاءَ أمْرُ اللَّهِ﴾ وهو قَضاؤُهُ بَيْنَ الأنْبِياءِ وأُمَمِهِمْ، و﴿المُبْطِلُونَ﴾: أصْحابُ الباطِلِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً في صُدُورِكُمْ﴾ أيْ: حَوائِجُكم في البِلادِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾ اسْتِفْهامُ تَوْبِيخٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَما أغْنى عَنْهُمْ﴾ في "ما" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها لِلنَّفْيِ. (p-٢٣٨)والثّانِي: [أنَّها] لِلِاسْتِفْهامِ، ذَكَرَهُما ابْنُ جَرِيرٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَرِحُوا بِما عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ﴾ في المُشارِ إلَيْهِمْ قَوْلانِ. أحَدُهُما: [أنَّهُمُ] الأُمَمُ المُكَذِّبَةُ، قالَهُ الجُمْهُورُ؛ ثُمَّ في مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهم قالُوا: نَحْنُ أعْلَمُ مِنهم لَنْ نُبْعَثَ ولَنْ نُحاسَبَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: فَرِحُوا بِما كانَ عِنْدَهم أنَّهُ عِلْمٌ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُمُ الرُّسُلُ؛ والمَعْنى: فَرِحَ الرُّسُلُ لَمّا هَلَكَ المُكَذِّبُونَ ونَجَوا بِما عِنْدَهم مِنَ العِلْمِ بِاللَّهِ إذْ جاءَ تَصْدِيقُهُ، حَكاهُ أبُو سُلَيْمانَ وغَيْرُهُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَحاقَ بِهِمْ﴾ يَعْنِي بِالمُكَذِّبِينَ العَذابُ الَّذِي كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ. والبَأْسُ: العَذابُ. ومَعْنى ﴿سُنَّتَ اللَّهِ﴾: أنَّهُ سَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ في الأُمَمِ، أيْ: أنَّ إيمانَهم لا يَنْفَعُهم إذا رَأوُا العَذابَ، ﴿وَخَسِرَ هُنالِكَ الكافِرُونَ﴾ . (p-٢٣٩)فَإنْ قِيلَ: كَأنَّهم لَمْ يَكُونُوا خاسِرِينَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ فَعَنْهُ جَوابانِ. أحَدُهُما: أنَّ "خَسِرَ" بِمَعْنى "هَلَكَ" قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ إنَّما بَيَّنَ لَهم خُسْرانَهم عِنْدَ نُزُولِ العَذابِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب