الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ يُجادِلُونَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هَذا تَفْسِيرُ المُسْرِفِ المُرْتابِ، والمَعْنى: هُمُ الَّذِينَ يُجادِلُونَ في آَياتِ اللَّهِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: يُجادِلُونَ في إبْطالِها والتَّكْذِيبِ بِها بِغَيْرِ سُلْطانٍ، أيْ: بِغَيْرِ حُجَّةٍ أتَتْهم مِنَ اللَّهِ. ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ أيْ: كَبُرَ جِدالُهم مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا، والمَعْنى: يَمْقُتُهُمُ اللَّهُ ويَمْقُتُهُمُ المُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ الجِدالِ. ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ: كَما طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ حَتّى كَذَّبُوا وجادَلُوا بِالباطِلِ يَطْبَعُ ﴿عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ وتَوْحِيدِهِ. وقَدْ سَبَقَ بَيانُ مَعْنى الجَبّارِ (p-٢٢٣)فِي [هُودَ: ٥٩] . وقَرَأ أبُو عَمْرٍو: "عَلى كُلِّ قَلْبٍ" بِالتَّنْوِينِ، وغَيْرُهُ مِنَ القُرّاءِ السَّبْعَةِ يُضِيفُهُ. وقالَ أبُو عَلِيٍّ: المَعْنى: يَطْبَعُ عَلى جُمْلَةِ القَلْبِ مِنَ المُتَكَبِّرِ. واخْتارَ قِراءَةَ الإضافَةِ الزَّجّاجُ، قالَ: لِأنَّ المُتَكَبِّرَ هو الإنْسانُ، لا القَلْبُ. فَإنْ قِيلَ: لَوْ كانَتْ هَذِهِ القِراءَةُ أصْوَبَ لَتَقَدَّمَ القَلْبُ عَلى الكُلِّ؟ فالجَوابُ: أنَّ هَذا جائِزٌ عِنْدَ العَرَبِ، قالَ الفَرّاءُ: تَقَدُّمُ هَذا وتَأخُّرُهُ واحِدٌ، سَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يَقُولُ: هو يَرْجِلُ شِعْرَهُ يَوْمَ كُلِّ جُمْعَةٍ، يُرِيدُ: كُلَّ يَوْمِ جُمْعَةٍ والمَعْنى واحِدٌ. وقَدْ قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو عِمْرانَ الجَوْنَيُّ: "عَلى قَلْبِ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ" بِتَقْدِيمِ القَلْبِ. قالَ المُفَسِّرُونَ: فَلَمّا وعَظَ المُؤْمِنُ فِرْعَوْنَ وزَجَرَهُ عَنْ قَتْلِ مُوسى، قالَ فِرْعَوْنُ لِوَزِيرِهِ: ﴿يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحًا﴾ وقَدْ ذَكَرْناهُ في [القَصَصِ: ٣٨] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَعَلِّي أبْلُغُ الأسْبابَ﴾ ﴿أسْبابَ السَّماواتِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ: يَعْنِي أبْوابَها. وقالَ أبُو صالِحٍ: طَرَقَها. وقالَ غَيْرُهُ: المَعْنى: لَعَلِّي أبْلُغُ الطُّرُقَ مِن سَماءٍ إلى سَماءٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: لَعَلِّي ما يُؤَدِّينِي إلى السَّمَواتِ. وما بَعْدَ هَذا مُفَسَّرٌ في [القَصَصِ: ٣٨] إلى قَوْلِهِ: ﴿وَكَذَلِكَ﴾ أيْ: ومِثْلُ ما وصَفْنا ﴿زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وصُدَّ﴾ عَنْ سَبِيلِ الهُدى. قَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ: "وَصُدَّ" بِضَمِّ الصّادِ، والباقُونَ بِفَتْحِها، ﴿وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ﴾ في إبْطالِ آَياتِ مُوسى ﴿إلا في تَبابٍ﴾ أيْ: في بُطْلانٍ وخُسْرانٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب