الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا جاءَهم أمْرٌ مِنَ الأمْنِ أوِ الخَوْفِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا اعْتَزَلَ نِساءَهُ، دَخَلَ عُمَرُ المَسْجِدَ، فَسَمِعَ النّاسَ يَقُولُونَ: طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نِساءَهُ، فَدَخَلَ عَلى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَسَألَهُ أطْلَّقْتَ نِساءَكَ؟ قالَ: "لا" . فَخَرَجَ فَنادى: ألّا إنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُطْلِّقْ نِساءَهُ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. فَكانَ هو الَّذِي اسْتَنْبَطَ الأمْرَ.» انْفَرَدَ بِإخْراجِهِ مُسْلِمٌ، مِن حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ، عَنْ عُمْرَ.
والثّانِي: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ إذا بَعَثَ سَرِيَّةً مِنَ السَّرايا فَغَلَبَتْ أوْ غَلَبَتْ، (p-١٤٦)تَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، وأفْشَوْهُ، ولَمْ يَصْبِرُوا حَتّى يَكُونَ النَّبِيُّ هو المُتَحَدِّثُ بِهِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ.» رَواهُ أبُو صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
وَفِي المُشارِ إلَيْهِمْ بِهَذِهِ الآَيَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ المُنافِقُونَ. قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والجُمْهُورُ. والثّانِي: أهْلُ النِّفاقِ، وضَعَفَةُ المُسْلِمِينَ، ذَكَرَهُ الزَّجّاجُ.
وَفِي المُرادِ بِالأمْنِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: فَوْزُ السَّرِيَّةِ بِالظَّفْرِ والغَنِيمَةِ، وهو قَوْلُ الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ الخَبَرُ يَأْتِي إلى النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ ظاهِرٌ عَلى قَوْمٍ، فَيَأْمَنُ مِنهم، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: أنَّهُ ما يَعْزِمُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ المُوادَعَةِ والأمانِ لِقَوْمٍ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
والرّابِعُ: أنَّهُ الأمْنُ يَأْتِي مِنَ المَأْمَنِ وهو المَدِينَةُ، ذَكَرَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ مُخْرَّجًا مِن حَدِيثِ عُمَرَ.
وَفِي "الخَوْفِ" ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ النَّكْبَةُ الَّتِي تُصِيبُ السَّرِيَّةَ، ذَكَرَهُ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ الخَبَرُ يَأْتِي أنَّ قَوْمًا يَجْمَعُونَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَيَخافُ مِنهم، قالَهُ الزَّجّاجُ. والثّالِثُ: ما يَعْزِمُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ مِنَ الحَرْبِ والقِتالِ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أذاعُوا بِهِ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أشاعُوهُ. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: والهاءُ عائِدَةٌ عَلى الأمْرِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ﴾ يَعْنِي: الأمْرُ ﴿إلى الرَّسُولِ﴾ حَتّى يَكُونَ هو المُخْبِرُ بِهِ ﴿وَإلى أُولِي الأمْرِ مِنهُمْ﴾ وفِيهِمْ أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
(p-١٤٧)أحَدُها: أنَّهم مِثْلُ أبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمانَ، وعَلِيٍّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّهم أبُو بَكْرٍ، وعُمَرَ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. والثّالِثُ: العُلَماءُ، قالَهُ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، وابْنُ جُرَيْجٍ. والرّابِعُ: أُمَراءُ السَّرايا، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، ومُقاتِلٌ.
وَفِي ﴿الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ﴾ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُمُ الَّذِينَ يَتَتَبَّعُونَهُ مِنَ المُذِيعِينَ لَهُ، قالَهُ مُجاهِدٌ. والثّانِي: أنَّهم أُولُو الأمْرِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. و"الِاسْتِنْباطُ" في اللُّغَةِ: الِاسْتِخْراجُ. قالَ الزَّجّاجُ: أصْلُهُ مِنَ النَّبَطِ، وهو الماءُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ البِئْرِ أوَّلَ ما تُحْفَرُ، يُقالُ مِن ذَلِكَ: قَدْ أنْبَطَ فَلانٌ في غَضْراءَ، أيْ: اسْتَنْبَطَ الماءَ مِن طِينٍ حُرٍّ. والنَّبَطُ: سُمُّوا نَبَطًا، لِاسْتِنْباطِهِمْ ما يُخْرِجُ مِنَ الأرْضِ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ومَعْنى الآَيَةِ: وإذا جاءَهم خَبَرٌ عَنْ سَرِيَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ أوْ بَشَرٍّ أفْشَوْهُ، ولَوْ سَكَتُوا حَتّى يَكُونَ الرَّسُولُ وذَوُوُ الأمْرِ يَتَوَلَّوْنَ الخَبَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَيُصَحِّحُوهُ إنْ كانَ صَحِيحًا، أوْ يُبْطِلُوهُ إنْ كانَ باطِلًا، لِعِلْمِ حَقِيقَةِ ذَلِكَ مَن يَبْحَثُ عَنْهُ مِن أُولِي الأمْرِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾
(p-١٤٨)فِي المُرادِ بِالفَضْلِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ. والثّانِي: الإسْلامُ. والثّالِثُ: القُرْآَنُ. والرّابِعُ: أُولُو الأمْرِ.
وَفِي الرَّحْمَةِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها الوَحْيُ. والثّانِي: اللُّطْفُ. والثّالِثُ: النِّعْمَةُ. والرّابِعُ: التَّوْفِيقُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إلا قَلِيلا﴾ في مَعْنى هَذا الِاسْتِثْناءِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ راجِعٌ إلى الإذاعَةِ، فَتَقْدِيرُهُ: أذاعُوا بِهِ إلّا قَلِيلًا. وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ زَيْدٍ، واخْتارَهُ الفَرّاءُ، وابْنُ جَرِيرٍ.
والثّانِي: أنَّهُ راجِعٌ إلى المُسْتَنْبِطِينَ، فَتَقْدِيرُهُ: لِعِلْمِهِ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنهُمُ إلّا قَلِيلًا، وهَذا قَوْلُ الحَسَنِ، وقَتادَةُ، واخْتارَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. فَعَلى هَذَيْنَ القَوْلَيْنِ، في الآَيَةِ تَقْدِيمٌ وتَأْخِيرٌ.
والثّالِثُ: أنَّهُ راجِعٌ إلى اتِّباعِ الشَّيْطانِ، فَتَقْدِيرُهُ: لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إلّا قَلِيلًا مِنكم، وهَذا قَوْلُ الضَّحّاكَ، واخْتارَهُ الزَّجّاجُ. وقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: المَعْنى: لَوْلا فَضْلُ اللَّهِ بِإرْسالِ النَّبِيِّ إلَيْكم، لَضَلَلْتُمُ إلّا قَلِيلًا مِنكم كانُوا يَسْتَدْرِكُونَ بِعُقُولِهِمْ مِعْرِفَةَ اللَّهِ، ويَعْرِفُونَ ضَلالَ مَن يَعْبُدُ غَيْرَهُ، كَقَسِّ بْنِ ساعِدَةَ.
{"ayah":"وَإِذَا جَاۤءَهُمۡ أَمۡرࣱ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُوا۟ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِینَ یَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنَ إِلَّا قَلِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق