الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيَقُولُونَ طاعَةٌ﴾ نَزَلَتْ في المُنافِقِينَ، كانُوا يُؤْمِنُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيَأْمَنُوا، فَإذا خَرَجُوا، خالَفُوا، هَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ الفَرّاءُ: والرَّفْعُ في "طاعَةٌ" عَلى مَعْنى: أمْرُكَ طاعَةٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ: بَيَّتْ، بِسُكُونِ "التّاءِ"، وإدْغامِها في "الطّاءِ" ونَصَبَ الباقُونَ "التّاءَ" قالَ أبُو عَلِيٍّ: التّاءُ والطّاءُ والدّالُ مِن حَيِّزٍ واحِدٍ، فَحَسُنَ الإدْغامُ، ومِن بَيْنِ، فَلِانْفِصالِ الحَرْفَيْنِ، واخْتِلافِ المَخْرَجَيْنِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والمَعْنى: ﴿ [فَإذا بَرَزُوا مِن عِنْدِكَ ﴾، أيْ: خَرَجُوا، ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنهم غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ﴾، أيْ] قالُوا: وقَدَّرُوا لَيْلًا غَيْرَ ما أعْطَوْكَ نَهارًا. قالَ الشّاعِرُ: ؎ أتَوْنِي فَلَمْ أرْضَ ما بَيَّنُوا وكانُوا أتَوْنِي بِشَيْءٍ نُكُرٍ (p-١٤٣)والعَرَبُ تَقُولُ: هَذا أمْرٌ قَدْ قُدِّرَ بِلَيْلٍ [وَفُرِغَ مِنهُ بِلَيْلٍ، ومِنهُ قَوْلُ الحارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ: ؎ أجْمِعُوا أمْرَهم عِشاءً فَلَمّا ∗∗∗ أصْبَحُوا أصْبَحَتْ لَهم ضَوْضاءُ] وَقالَ بَعْضُهُمْ: بَيَّتَ، بِمَعْنى: بَدَّلَ، وأنْشَدَ: ؎ وبَيَّتَ قَوْلِي عِنْدَ المَلِيكِ ∗∗∗ قاتَلَكَ اللَّهُ عَبْدًا كَفُورًا وَفِي قَوْلِهِ ﴿غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: غَيْرُ الَّذِي تَقُولُ الطّائِفَةُ عِنْدَكَ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ قُتَيْبَةَ. والثّانِي: غَيْرُ الَّذِي تَقُولُ أنْتَ يا مُحَمَّدُ، وهو قَوْلُ قَتادَةُ، والسُّدِّيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: يَكْتُبُهُ في الأعْمالِ الَّتِي تُثْبِتُها المَلائِكَةُ، قالَهُ مُقاتِلٌ في آَخَرِينَ. والثّانِي: يُنْزِلُهُ إلَيْكَ في كِتابِهِ. والثّالِثُ: يَحْفَظُهُ عَلَيْهِمْ لِيُجازَوْا بِهِ، ذَكَرَ القَوْلَيْنِ الزَّجّاجُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَأعْرِضْ عَنْهُمْ: فَلا تُعاقِبْهم، وثِقْ بِاللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، وكَفى بِاللَّهِ ثِقَةً لَكَ. قالَ: ثُمَّ نُسِخَ هَذا الإعْراضُ، وأُمِرَ بِقِتالِهِمْ. فَإنْ قِيلَ: ما الحِكْمَةُ في أنَّهُ ابْتَدَأ بِذِكْرِهِمْ جُمْلَةً، ثُمَّ قالَ: ﴿بَيَّتَ طائِفَةٌ﴾ والكُلُّ مُنافِقُونَ؟ فالجَوابُ: مِن وجْهَيْنِ، ذَكَرَهُما أهْلُ التَّفْسِيرِ. أحَدُهُما: أنَّهُ أخْبَرَ عَمَّنْ سَهِرَ لَيْلَهُ، ودَبَّرَ أمْرَهُ مِنهم دُونَ غَيْرِهِ مِنهم. والثّانِي: أنَّهُ ذَكَرَ مَن عَلِمَ أنَّهُ يَبْقى عَلى نِفاقِهِ دُونَ مَن عَلِمَ أنَّهُ يَرْجِعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب