الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ﴾ سَبَبُ نُزُولِها: «أنَّ رَجُلًا لَطَمَ زَوْجَتَهُ لَطْمَةً فاسْتَعْدَتْ عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ،» رَواهُ أبُو صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وذَكَرَ المُفَسِّرُونَ أنَّهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ الأنْصارِيُّ. قالَ ابْنُ (p-٧٤)عَبّاسٍ: "قَوّامُونَ" أيْ: مُسَلَّطُونَ عَلى تَأْدِيبِ النِّساءِ في الحَقِّ. ورَوى هُشامٌ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِيهِ في قَوْلِهِ: ﴿الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلى النِّساءِ﴾ قالَ: إذا كانُوا رِجالًا، وأنْشَدَ
؎ أكْلُّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَءًا ونارًا تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نارًا
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ﴾ يَعْنِي: الرِّجالُ عَلى النِّساءِ، وفَضَّلَ الرَّجُلُ عَلى المَرْأةِ بِزِيادَةِ العَقْلِ، وتَوْفِيرِ الحَظِّ في المِيراثِ، والغَنِيمَةِ، والجُمْعَةِ، والجَماعاتِ، والخِلافَةِ، والإمارَةِ، والجِهادِ، وجُعِلَ الطَّلاقُ إلَيْهِ إلى غَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَبِما أنْفَقُوا مِن أمْوالِهِمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي: المَهْرُ والنَّفَقَةُ عَلَيْهِنَّ.
وَفِي "الصّالِحاتِ" قَوْلانِ. أحَدُهُما: المُحْسِناتُ إلى أزْواجِهِنَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: العامِلاتُ بِالخَيْرِ، قالَهُ ابْنُ مُبارَكٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ. و"القانِتاتُ" المُطِيعاتُ لِلَّهِ في أزْواجِهِنَّ، والحافِظاتُ لِلْغَيْبِ، أيْ: لِغَيْبِ أزْواجِهِنَّ. وقالَ عَطاءٌ، (p-٧٥)وَقَتادَةُ: يَحْفَظْنَ ما غابَ عَنْهُ الأزْواجُ مِنَ الأمْوالِ، وما يَجِبُ عَلَيْهِنَّ مِن صِيانَةِ أنْفُسِهِنَّ لَهم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِما حَفِظَ اللَّهُ﴾ قَرَأ الجُمْهُورُ بِرَفْعِ اسْمِ "اللَّهِ" وفي مَعْنى الكَلامِ عَلى قِراءَتِهِمْ ثَلاثَةُ أقَوْالٍ.
أحَدُها: بِحِفْظِ اللَّهِ إيّاهُنَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ، وعَطاءٍ، ومُقاتِلٍ. ورَوى ابْنُ المُبارَكِ، عَنْ سُفْيانَ، قالَ: بِحِفْظِ اللَّهِ إيّاها أنْ جَعَلَها كَذَلِكَ.
والثّانِي: بِما حَفِظَ اللَّهُ لَهُنَّ مُهُورَهُنَّ، وإيجابُ نَفَقَتِهِنَّ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
والثّالِثُ: أنَّ مَعْناهُ: حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَحْفَظُ بِهِ أمْرَ اللَّهِ، حَكاهُ الزَّجّاجُ. وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ بِنَصْبِ اسْمِ اللَّهِ. والمَعْنى: بِحِفْظِهِنَّ اللَّهَ في طاعَتِهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واللاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ في الخَوْفِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى: العِلْمِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: بِمَعْنى: الظَّنِّ لِما يَبْدُو مِن دَلائِلَ النُّشُوزِ، قالَهُ الفَرّاءُ، وأنْشَدَ
؎ وما خِفْتُ يا سَلامُ أنَّكَ عائِبِي
قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والنُّشُوزُ" بُغْضُ المَرْأةِ لِلزَّوْجِ، يُقالُ: نَشَزَتِ المَرْأةُ عَلى زَوْجِها، ونَشَصَتْ: إذا فَرَكَتْهُ، ولَمْ تَطْمَئِنَّ عِنْدَهُ، وأصِلُ النُّشُوزِ: الِانْزِعاجُ. قالَ الزَّجّاجُ: أصْلُهُ مِنِ النَّشْزِ، وهو المَكانُ المُرْتَفِعُ مِنَ الأرْضِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَعِظُوهُنَّ﴾ قالَ الخَلِيلُ: الوَعْظُ: التَّذْكِيرُ بِالخَيْرِ فِيما يَرِقُّ لَهُ القَلْبُ.
(p-٧٦)قالَ الحَسَنُ: يَعِظُها بِلِسانِهِ، فَإنْ أبَتْ وإلّا هَجَرَها. واخْتَلَفُوا في المُرادِ بِالهَجْرِ في المَضْجَعِ عَلى أرْبَعَةِ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ تَرَكَ الجِماعَ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وابْنُ أبِي طَلْحَةَ، والعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ ابْنُ جُبَيْرٍ، ومُقاتِلٌ.
والثّانِي: أنَّهُ تَرْكُ الكَلامِ، لا تَرْكُ الجِماعِ، رَواهُ أبُو الضُّحى، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وخَصِيفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وبِهِ قالَ السُّدِّيُّ، والثَّوْرِيُّ.
والثّالِثُ: أنَّهُ قَوْلُ الهَجْرِ مِنَ الكَلامِ في المَضاجِعِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ، وعِكْرِمَةَ. فَيَكُونُ المَعْنى: قُولُوا لَهُنَّ في المَضاجِعِ هَجْرًا مِنَ القَوْلِ.
والرّابِعُ: أنَّهُ هَجْرُ فِراشِها، ومُضاجَعَتِها. رُوِيَ عَنِ الحَسَنِ، والشَّعْبِيِّ، ومُجاهِدٍ، والنَّخْعِيِّ، ومِقْسَمٍ، وقَتادَةَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: اهْجُرْها في المَضْجَعِ، فَإنْ أقْبَلَتْ وإلّا فَقَدَ أذِنَ اللَّهُ لَكَ أنْ تَضْرِبَها ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ. وقالَ جَماعَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: الآَيَةُ عَلى التَّرْتِيبِ، فالوَعْظُ عِنْدَ خَوْفِ النُّشُوزِ، والهَجْرُ عِنْدَ ظُهُورِ النُّشُوزِ، والضَّرْبُ عِنْدَ تَكَرُّرِهِ، واللَّجاجِ فِيهِ. ولا يَجُوزُ الضَّرْبُ عِنْدَ ابْتِداءِ النُّشُوزِ. قالَ القاضِي أبُو يَعْلى: وعَلى هَذا مَذْهَبُ أحْمَدَ. وقالَ الشّافِعِيُّ: يَجُوزُ ضَرْبُها في ابْتِداءِ النُّشُوزِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإنْ أطَعْنَكُمْ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يَعْنِي: في المَضْجَعِ ﴿فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا﴾ أيْ: فَلا تَتَجَنَّ عَلَيْها العِلَلُ. وقالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لا تُكَلِّفْها الحُبَّ، لِأنَّ قَلْبَها لَيْسَ في يَدِها. وقالَ ابْنُ جَرِيرٍ: المَعْنى: فَلا تَلْتَمِسُوا سَبِيلًا إلى ما لا يَحِلُّ لَكم مِن أبْدانِهِنَّ وأمْوالِهِنَّ بِالعِلَلِ، وذَلِكَ أنْ تَقُولَ لَها وهي مُطِيعَةٌ لَكَ: لَسْتِ لِي مُحِبَّةً، فَتَضْرِبُها، أوْ تُؤْذِيها.
(p-٧٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ قالَ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ: لا تَبْغُوا عَلى أزْواجِكم، فَهو يَنْتَصِرُ لَهُنَّ مِنكم. وقالَ الخَطابِيُّ: الكَبِيرُ: المَوْصُوفُ بِالجَلالِ، وكُبْرِ الشَّأْنِ، يَصْغُرُ دُونَ جَلالِهِ كُلُّ كَبِيرٍ. ويُقالُ: هو الَّذِي كَبُرَ عَنْ شَبَهِ المَخْلُوقِينَ.
{"ayah":"ٱلرِّجَالُ قَوَّ ٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَاۤءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضࣲ وَبِمَاۤ أَنفَقُوا۟ مِنۡ أَمۡوَ ٰلِهِمۡۚ فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ قَـٰنِتَـٰتٌ حَـٰفِظَـٰتࣱ لِّلۡغَیۡبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُۚ وَٱلَّـٰتِی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِی ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُوا۟ عَلَیۡهِنَّ سَبِیلًاۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیࣰّا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق