الباحث القرآني
(p-٧١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ﴾ المَوالِيَ: الأوْلِياءُ، وهُمُ الوَرَثَةُ مِنَ العُصْبَةِ وغَيْرِهِمْ. ومَعْنى الآَيَةِ: لِكُلِّ إنْسانٍ مَوالِيَ يَرِثُونَ ما تَرَكَ. وارْتِفاعُ الوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ عَلى مَعْنَيَيْنِ مِنَ الإعْرابِ.
أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلى خَبَرِ الِابْتِداءِ، والتَّقْدِيرُ: وهُمُ الوالِدانِ والأقْرَبُونَ، ويَكُونُ تَمامَ الكَلامِ قَوْلُهُ ﴿مِمّا تَرَكَ﴾ .
والثّانِي: أنْ يَكُونَ رَفْعًا عَلى أنَّهُ الفاعِلُ التَّرْكُ لِلْمالِ، فَيَكُونُ الوالِدانِ، هُمُ المَوْلى.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمانُكُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "عاقَدَتْ" بِالألِفِ، وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، "عَقَدَتْ" بِلا ألِفٍ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: مَن قَرَأ بِالألِفِ، فالتَّقْدِيرُ: والَّذِينَ عاقَدَتْهم أيْمانُكم، ومِن حَذْفِ الألِفِ، فالمَعْنى: عَقَدَتْ حِلْفَهم أيْمانُكم، فَحُذِفَ المُضافُ، وأُقِيمَ المُضافُ إلَيْهِ مَقامَهُ، وفِيهِمْ ثَلاثَةُ أقَوْالٍ.
أحَدُها: أنَّهم أهْلُ الحِلْفِ، كانَ الرَّجُلُ يُحالِفُ الرَّجُلَ، فَأيُّهُما ماتَ وِرْثَهُ الآَخَرُ، فَنَسَخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَأُولُو الأرْحامِ بَعْضُهم أوْلى بِبَعْضٍ﴾ رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. ورَوى عَنْهُ عَطِيَّةُ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يَلْحَقُ الرَّجُلَ (p-٧٢)فِي الجاهِلِيَّةِ، فَيَكُونُ تابِعَهُ، فَإذا ماتَ الرَّجُلُ، صارَ لِأهْلِهِ المِيراثُ، وبَقِيَ تابِعُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ( والَّذِينَ عاقَدَتْ أيْمانكم ) فَأُعْطِي مِن مِيراثِهِ، ثُمَّ نَزَلَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ ﴿وَأُولُو الأرْحامِ بَعْضُهم أوْلى بِبَعْضٍ﴾ ومِمَّنْ قالَ هُمُ الحُلَفاءَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ.
والثّانِي: أنَّهُمُ الَّذِينَ آَخى بَيْنَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهُمُ المُهاجِرُونَ والأنْصارُ، كانَ المُهاجِرُونَ يُوَرِّثُونَ الأنْصارَ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِمْ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي عَقَدَها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهم. رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ ابْنُ زَيْدٍ.
والثّالِثُ::أنَّهُمُ الَّذِينَ كانُوا يَتَبَنَّوْنَ أبْناءَ غَيْرِهِمْ في الجاهِلِيَّةِ، هَذا قَوْلُ سَعِيدٍ ابْنِ المُسَيِّبِ. فَأمّا أرْبابُ القَوْلِ الأوَّلِ، فَقالُوا: نَسَخَ حَكَمَ الحُلَفاءِ الَّذِينَ كانُوا يَتَعاقَدُونَ عَلى النُّصْرَةِ والمِيراثِ بِآخِرِ (الأنْفالِ، وإلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، والثَّوْرِيِّ، والأوْزاعِيِّ، ومالِكٌ، وأحْمَدُ، والشّافِعِيُّ.
وَقالَ أبُو حَنِيفَةَ وأصْحابُهُ: هَذا الحُكْمُ باقٍ غَيْرَ أنَّهُ جَعَلَ ذَوِي الأرْحامِ أوْلى مِن مَوالِي المُعاقَدَةِ. وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ المُرادَ: فَآَتَوْهم نَصِيبَهم مِنِ النَّصْرِ والنَّصِيحَةِ مِن غَيْرِ مِيراثٍ، وهَذا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٍ. وذَهَبَ قَوْمٌ آخَرُونَ إلى أنَّ المُعاقَدَةَ: إنَّما كانَتْ في الجاهِلِيَّةِ عَلى النُّصْرَةِ لا غَيْرَ، والإسْلامُ لَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ، وإنَّما قَرَّرَهُ، فَقالَ: النَّبِيُّ ﷺ: « "أيُّما حِلْفٍ كانَ في الجاهِلِيَّةِ، فَإنَّ الإسْلامَ لَمْ يَزِدْهُ (p-٧٣)إلّا شِدَّةً" .» أرادَ: النَّصْرَ والعَوْنَ. وهَذا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وهو يَدُلُّ عَلى أنَّ الآَيَةَ مَحْكَمَةٌ.
{"ayah":"وَلِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مَوَ ٰلِیَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَ ٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِینَ عَقَدَتۡ أَیۡمَـٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِیبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق