الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ اجْتِنابُ الشَّيْءِ: تَرْكُهُ جانِبًا. وفي الكَبائِرِ أحَدَ عَشَرَ قَوْلًا. أحَدُها: أنَّها سَبْعٌ، فَرَوى البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ (p-٦٣)أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ، قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلّا بِالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفِ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ" .» وَقَدْ رُوِيَ هَذا الحَدِيثُ مِن طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « "الكَبائِرُ سَبْعٌ، الإشْراكُ بِاللَّهِ أوَّلُهُنَّ، وقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّها، وأكْلُ الرِّبا، وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ بِدارًا أنْ يَكْبَرُوا، والفِرارُ مِنِ الزَّحْفِ، ورَمْيِ المُحْصَناتِ، وانْقِلابٌ إلى أعْرابِيَّةٍ بَعْدَ هِجْرَةٍ" .» وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: هي سَبْعٌ، فَعَدَّ هَذِهِ. (p-٦٤)وَرُوِيَ عَنْ عَطاءٍ أنَّهُ قالَ: هي سَبْعٌ، وعَدَّ هَذِهِ، إلّا أنَّهُ ذَكَرَ مَكانَ الإشْراكِ والتَّعَرُّبِ شَهادَةَ الزُّورِ وعُقُوقَ الوالِدَيْنِ. والثّانِي: أنَّها تِسْعٌ، رَوى عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أبِيهِ، وكانَ مِنِ الصَّحابَةِ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ سُئِلَ ما الكَبائِرُ؟ فَقالَ: "تِسْعٌ، أعْظَمُهُنَّ الإشْراكُ بِاللَّهِ، وقَتْلُ نَفْسِ المُؤْمِنِ بِغَيْرِ حَقٍّ، والفِرارُ مِنَ الزَّحْفِ، وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والسِّحْرُ، وأكْلُ الرِّبا، وقَذْفُ المُحْصَنَةِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ المُسْلِمَيْنِ، واسْتِحْلالُ البَيْتِ الحَرامِ قِبْلَتِكم أحْياءً وأمْواتًا" .» والثّالِثُ: أنَّها أرْبَعٌ: رَوى البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: " الكَبائِرُ: الإشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ" .» (p-٦٥)وَرَوى أنَسُ بْنُ مالِكٍ قالَ: «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الكَبائِرَ، أوْ سُئِلَ عَنْها، فَقالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ" وقالَ: "ألا أُنَبِّئُكم بِأكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قَوْلُ الزُّورِ، أوْ شَهادَةُ الزُّورِ" .» ورُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ قالَ: الكَبائِرُ أرْبَعٌ: الإشْراكُ بِاللَّهِ، والأمْنُ لِمَكْرِ اللَّهِ، والقُنُوطُ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ، والإياسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ. وعَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوُهُ. والرّابِعُ: أنَّها ثَلاثٌ، فَرَوى عِمْرانُ بْنُ حُصِينٍ، «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: "ألا أُنَبِّئُكم بِأكْبَرِ الكَبائِرِ؟ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، -وَكانَ مُتَّكِئًا فاحْتَفَزَ- قالَ: والزُّورُ" .» ورَوى البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ أبِي بَكْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ألا أُنَبِّئُكم بِأكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قُلْنا: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ، فَقالَ: الإشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، -وَكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ- فَقالَ: وشَهادَةُ الزُّورِ" فَما زالَ يُكَرِّرُها حَتّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ.» وأخْرَجا في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «سَألْتُ النَّبِيَّ ﷺ: أيُّ الذَّنْبِ أكْبَرُ؟ قالَ: "أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ تَعالى نِدًّا وهو خَلَقَكَ" . قُلْتُ: ثُمَّ أيْ؟ قالَ: "ثُمَّ أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ مَخافَةَ أنْ (p-٦٦)يَطْعَمَ مَعَكَ" . قُلْتُ: ثُمَّ أيْ؟ قالَ: "أنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ" .» والخامِسُ: أنَّها مَذْكُورَةٌ مِن أوَّلِ السُّورَةِ إلى هَذِهِ الآَيَةِ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ. والسّادِسُ: أنَّها إحْدى عَشْرَةَ: الإشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ، وأكْلُ الرِّبا، والفِرارُ مِنِ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، والسِّحْرُ، والخِيانَةُ" . رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أيْضًا. والسّابِعُ: أنَّها كُلُّ ذَنْبٍ يَخْتِمُهُ اللَّهُ بِنارٍ، أوْ غَضَبٍ، أوْ لَعْنَةٍ، أوْ عَذابٍ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّامِنُ: أنَّها كُلُّ ما أوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ النّارَ في الآَخِرَةِ، والحَدَّ في الدُّنْيا، رَوى هَذا المَعْنى أبُو صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الضَّحّاكُ. والتّاسِعُ: أنَّها كُلُّ ما عُصِيَ اللَّهَ بِهِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وعُبَيْدَةَ، وهو قَوْلٌ ضَعِيفٌ. والعاشِرُ: أنَّها كُلُّ ذَنْبٍ أوْعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ النّارَ، قالَهُ الحَسَنُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، والضَّحّاكُ في رِوايَةٍ، والزَّجّاجُ. والحادِي عَشَرَ: أنَّها ثَمانٍ، الإشْراكُ بِاللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ المُؤْمِنِ، وقَذْفُ المُحْصَنَةِ، والزِّنا، وأكْلُ مالِ اليَتِيمِ، وقَوْلُ الزُّورِ، واقْتِطاعُ الرَّجُلِ بِيَمِينِهِ وعَهْدِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا. رَواهُ مِحْرِزٌ عَنِ الحَسَنِ البَصَرِيِّ. (p-٦٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿نُكَفِّرْ عَنْكم سَيِّئاتِكُمْ﴾ رَوى المُفَضَّلُ، عَنْ عاصِمٍ: "يُكَفِّرْ" "وَيُدْخِلْكُمْ" بِالياءِ فِيهِما، وقَرَأ الباقُونَ بِالنُّونِ فِيهِما، وقَرَأ نافِعٌ، وأبانٌ، عَنْ عاصِمٍ، والكِسائِيِّ، عَنْ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عاصِمٍ: "مُدْخَلًا" بِفَتْحِ المِيمِ هاهُنا، وفي (الحَجِّ وضَمَّ الباقُونَ "المِيمَ"، ولَمْ يَخْتَلِفُوا في ضَمِّ "مِيمِ" ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ و ﴿مُخْرَجَ صِدْقٍ﴾ [الإسْراءِ: ٨٠] قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيِّ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ "المُدْخَلُ" مَصْدَرًا، (p-٦٨)وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَكانًا، سَواءٌ فَتَحَ، أوْ ضَمَّ. قالَ السُّدِّيُّ: السَّيِّئاتُ هاهُنا: هي الصَّغائِرُ. والمُدْخَلُ الكَرِيمُ: الجَنَّةُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والكَرِيمُ: بِمَعْنى: الشَّرِيفُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب