الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم مِنَ النِّساءِ إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ يُحْرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ إلّا امْرَأةَ الأبِ، والجَمْعِ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. وقالَ بَعْضُ الأنْصارِ: تُوُفِّيَ أبُو قَيْسِ بْنِ الأسْلَتِ، فَخَطِبَ ابْنُهُ قَيْسٌ امْرَأتَهُ، فَأتَتِ النَّبِيَّ ﷺ تَسْتَأْذِنُهُ، وقالَتْ: إنَّما كُنْتُ أُعُدُّهُ ولَدًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ.
قالَ أبُو عُمَرَ غُلامُ ثَعْلَبٍ: الَّذِي حَصَّلْناهُ عَنْ ثَعْلَبٍ، عَنِ الكُوفِيِّينَ، والمُبَرِّدِ عَنِ البَصْرِيِّينَ، أنَّ "النِّكاحَ" في أصْلِ اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وقَدْ سَمَّوُا الوَطْءَ نَفْسَهُ نِكاحًا مِن غَيْرِ عَقْدٍ.
قالَ الأعْشى:
وَمَنكُوحَةٌ غَيْرُ مَمْهُورَةٍ
يَعْنِي: المَسْبِيَّةُ المَوْطُوءَةُ بِغَيْرِ مَهْرٍ ولا عَقْدٍ. قالَ القاضِي أبُو يَعْلى: قَدْ يُطْلَقُ النِّكاحُ عَلى العَقْدِ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إذا نَكَحْتُمُ المُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحْزابِ: ٤٩] وهو حَقِيقَةٌ في الوَطْءِ، مَجازٌ في العَقْدِ، لِأنَّهُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، والجَمْعُ: إنَّما يَكُونُ بِالوَطْءِ، فَسُمِّيَ العَقْدُ نِكاحًا، لِأنَّهُ سَبَبٌ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا ما قَدْ سَلَفَ﴾ فِيهِ سِتَّةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّها بِمَعْنى: بَعْدَ ما قَدْ سَلَفَ، فَإنَّ اللَّهَ يَغْفِرُهُ، قالَهُ الضَّحّاكُ، والمُفَضَّلُ. (p-٤٥)وَقالَ الأخْفَشُ: المَعْنى: لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكم، فَإنَّكم تُعَذَّبُونَ بِهِ، إلّا ما قَدْ سَلَفَ، فَقَدْ وضَعَهُ اللَّهُ عَنْكم.
والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى: سِوى ما قَدْ سَلَفَ، قالَهُ الفَرّاءُ.
والثّالِثُ: أنَّها بِمَعْنى: لَكِنْ ما قَدْ سَلَفَ فَدَعَوْهُ، قالَهُ قُطْرُبٌ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: لَكِنْ ما قَدْ سَلَفَ، فَإنَّهُ كانَ فاحِشَةً.
والرّابِعُ: أنَّ المَعْنى: ولا تَنْكِحُوا كَنِكاحِ آَبائِكُمُ النِّساءَ، أيْ: كَما نَكَحُوا عَلى الوُجُوهِ الفاسِدَةِ الَّتِي لا تَجُوزُ في الإسْلامِ إلّا ما قَدْ سَلَفَ في جاهِلِيَّتِكم، مِن نِكاحٍ لا يَجُورُ ابْتِداءُ مِثْلِهِ في الإسْلامِ، فَإنَّهُ مَعْفُوٌّ لَكم عَنْهُ، وهَذا كَقَوْلِ القائِلِ: لا تَفْعَلُ ما فَعَلَتْ، أيْ: لا تَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَتْ، ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
والخامِسُ: أنَّها بِمَعْنى: "الواوِ" فَتَقْدِيرُها: ولا ما قَدْ سَلَفَ، فَيَكُونُ المَعْنى: اقْطَعُوا ما أنْتُمْ عَلَيْهِ مِن نِكاحِ الآباءِ، ولا تَبْتَدِئُوا، قالَهُ بَعْضُ أهْلِ المَعانِي.
والسّادِسُ: أنَّها لِلِاسْتِثْناءِ، فَتَقْدِيرُ الكَلامِ: لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آَباؤُكم مِنَ النِّساءِ بِالنِّكاحِ [الجائِزِ الَّذِي كانَ عَقْدُهُ بَيْنَهُمْ] إلّا ما قَدْ سَلَفَ مِنهم بِالزِّنى، والسِّفاحِ، فَإنَّهُنَّ حَلالٌ لَكم، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.
قَوْلُهُ تَعالى: "إنَّهُ" يَعْنِي: النِّكاحُ، و"الفاحِشَةُ": ما يُفْحِشُ ويُقَبِّحُ. و"المَقْتُ": أشَدُّ البُغْضِ. وفي المُرادِ بِهَذا "المَقْتِ" قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ اسْمٌ لِهَذا النِّكاحِ، وكانُوا يُسَمُّونَ نِكاحَ امْرَأةَ الأبِ في الجاهِلِيَّةِ: مَقْتًا، ويُسَمُّونَ الوَلَدَ مِنهُ: "المَقْتِيَّ" . فَأُعْلِمُوا أنَّ هَذا الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِمْ [مِن نِكاحِ امْرَأةِ الأبِ] لَمْ يَزَلْ مُنْكَرًا [فِي قُلُوبِهِمْ] مَمْقُوتًا عِنْدَهم. هَذا قَوْلُ الزَّجّاجِ.
(p-٤٦)والثّانِي: أنَّهُ يُوجِبُ مَقْتَ اللَّهِ لِفاعِلِهِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ.
قَوْلُهُ: ﴿وَساءَ سَبِيلا﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: قَبُحَ هَذا الفِعْلُ طَرِيقًا.
{"ayah":"وَلَا تَنكِحُوا۟ مَا نَكَحَ ءَابَاۤؤُكُم مِّنَ ٱلنِّسَاۤءِ إِلَّا مَا قَدۡ سَلَفَۚ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَمَقۡتࣰا وَسَاۤءَ سَبِیلًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق