الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُكَ أهْلُ الكِتابِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. (p-٢٤١)أحَدُها: أنَّهم سَألُوهُ أنْ يُنْزِلَ كِتابًا عَلَيْهِمْ خاصَّةً، هَذا قَوْلُ الحَسَنِ، وقَتادَةَ. والثّانِي: «أنَّ اليَهُودَ والنَّصارى أتَوْا إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالُوا: لا نُبايِعُكَ حَتّى تَأْتِيَنا بِكِتابٍ مِن عِنْدِ اللَّهِ إلى فُلانٍ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وإلى فُلانٍ بِكِتابٍ أنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ،» هَذا قَوْلُ ابْنِ جُرَيْجٍ. والثّالِثُ: أنَّ اليَهُودَ سَألُوا النَّبِيَّ ﷺ أنَّ يُنْزِلَ عَلَيْهِمْ كِتابًا مِنَ السَّماءِ مَكْتُوبًا كَما نَزَلَتِ التَّوْراةُ عَلى مُوسى، هَذا قَوْلُ القُرَظِيِّ، والسُّدِّيِّ. وَفِي المُرادِ بِأهْلِ الكِتابِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: اليَهُودُ والنَّصارى. والثّانِي: اليَهُودُ. وَفِي المُرادِ بِأهْلِ الكِتابِ المُنَزَّلِ مِنَ السَّماءِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: كِتابٌ مَكْتُوبٌ غَيْرُ القُرْآَنِ. والثّانِي: كِتابٌ بِتَصْدِيقِهِ في رِسالَتِهِ، وقَدْ بَيَّنّا في (البَقَرَةِ) مَعْنى سُؤالِهِمْ رَؤْيَةِ اللَّهِ جَهْرَةً، واتِّخاذِهُمُ العِجْلَ. و "البَيِّناتِ": الآَياتُ الَّتِي جاءَ بِها مُوسى. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ قالَ: ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ، و "ثُمَّ" تَقْتَضِي التَّراخِيَ، والتَّأخُّرَ، أفَكانَ اتِّخاذُ العِجْلِ بَعْدَ قَوْلِهِمْ: "أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً"؟ فَعَنْهُ أرْبَعَةُ أجْوِبَةٍ، ذَكَرَهُنَّ ابْنُ الأنْبارِيِّ. أحَدَهُنَّ: أنْ تَكُونَ "ثُمَّ" مَرْدُودَةٌ عَلى فِعْلِهِمُ القَدِيمِ، والمَعْنى: وإذْ وعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخالَفُوا أيْضًا، ثُمَّ اتَّخَذُوا العِجْلَ. والثّانِي: أنْ تَكُونَ مُقَدَّمَةً في المَعْنى، مُؤَخَّرَةً في اللَّفْظِ، والتَّقْدِيرِ: فَقَدِ اتَّخَذُوا العِجْلَ، ثُمَّ سَألُوا مُوسى أكْبَرَ مِن ذَلِكَ. ومِثْلُهُ ﴿فَألْقِهْ إلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهم فانْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ﴾ [النَّمْلِ: ٢٨] المَعْنى: فَألْقِهِ إلَيْهِمْ، ثُمَّ انْظُرْ ماذا يَرْجِعُونَ، ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهم. (p-٢٤٢)والثّالِثُ: أنَّ المَعْنى: ثُمَّ كانُوا اتَّخَذُوا العِجْلَ، فَأضْمَرَ الكَوْنَ. والرّابِعُ: أنَّ "ثُمَّ" مَعْناها التَّأْخِيرُ في الإخْبارِ، والتَّقْدِيمُ في الفِعْلِ، كَما يَقُولُ القائِلُ: شَرِبْتُ الماءَ، ثُمَّ أكَلْتُ الخُبْزَ، يُرِيدُ: شَرِبْتُ الماءَ، ثُمَّ أُخْبِرُكم أنِّي أكَلْتُ الخُبْزَ بَعْدَ إخْبارِي بِشُرْبِ الماءِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَعَفَوْنا عَنْ ذَلِكَ﴾ أيْ: لَمْ نَسْتَأْصِلْ عَبَدَةَ العِجْلِ. و "السُّلْطانُ المُبِينُ": الحُجَّةُ البَيِّنَةُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: اليَدُ والعَصا. وقالَ غَيْرُهُ: الآياتُ التِّسْعُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب