الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا في ابْتِغاءِ القَوْمِ﴾ قالَ أهْلُ التَّفْسِيرِ: سَبَبُ نُزُولِها: «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمْرَ أصْحابَهِ لَمّا انْصَرَفُوا مِن أُحُدٍ أنْ يَسِيرُوا في أثَرِ أبِي سُفْيانَ وأصْحابِهِ، فَشَكَوا ما بِهِمْ مِنَ الجِراحاتِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ.» قالَ الزَّجّاجُ: ومَعْنى "تَهِنُوا": تَضْعُفُوا، يُقالُ: وهَنَ يَهِنُ: إذا ضَعُفَ، وكُلُّ ضَعْفٍ فَهو وهَنٌ. وابْتَغى القَوْمَ: طَلَبَهم بِالحَرْبِ. و "القَوْمُ" هاهُنا: الكُفّارُ ﴿إنْ (p-١٨٩)تَكُونُوا تَأْلَمُونَ﴾ أيْ: تُوجِعُونَ، فَإنَّهم يَجِدُونَ مِنَ الوَجَعِ بِما يَنالُهم مِنَ الجِراحِ والتَّعَبِ، كَما تَجِدُونَ، وأنْتُمْ مَعَ ذَلِكَ تَرْجُونَ ما لا يَرْجُونَ. وفي هَذا الرَّجاءِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ الأمَلُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قالَ الزَّجّاجُ: وهو إجْماعُ أهْلِ اللُّغَةِ المَوْثُوقِ بِعِلْمِهِمْ. والثّانِي: أنَّهُ الخَوْفُ، رَواهُ أبُو صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. قالَ الفَرّاءُ: ولَمْ يُوجَدِ الخَوْفُ بِمَعْنى: الرَّجاءِ إلّا ومَعَهُ جَحَدَ، [فَإذا كانَ كَذَلِكَ كانَ الخَوْفُ عَلى جِهَةِ الرَّجاءِ والخَوْفِ وكانَ الرَّجاءُ كَذَلِكَ] كَقَوْلِهِ: ﴿ما لَكم لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقارًا﴾ [نُوحٍ: ١٣] وقَوْلُهُ: ﴿لا يَرْجُونَ أيّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثِيَةِ: ١٤]، قالَ الشّاعِرُ: ؎ لا تَرْتَجِي حِينَ تُلاقِي الزّائِدا أسَبْعَةٌ لاقَتْ مَعًا أمْ واحِدًا وَقالَ الهُذَلِيُّ: ؎ إذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَرُجْ لَسْعَها ∗∗∗ وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلِ وَلا يَجُوزُ رَجَوْتُكَ وأنْتَ تُرِيدُ خِفْتُكَ، ولا خِفْتُكَ وأنْتَ تُرِيدُ رَجَوْتُكَ (p-١٩٠)قالَ الزَّجّاجُ: وإنَّما اشْتَمَلَ الرَّجاءُ عَلى مَعْنى الخَوْفِ، لِأنَّهُ أمَلٌ قَدْ يُخافُ أنْ لا يَتِمَّ، فَعَلى القَوْلِ الأوَّلِ يَكُونُ المَعْنى: تَرْجُونَ النَّصْرَ وإظْهارَ دِينِكم والجَنَّةِ. وعَلى الثّانِي تَخافُونَ مِن عَذابِ اللَّهِ ما لا يَخافُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب