الباحث القرآني
(p-١)٤ - سُورَةُ النِّساءِ
﴿يا أيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالا كَثِيرًا ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكم رَقِيبًا﴾
اخْتَلَفُوا في نُزُولِها عَلى قَوْلَيْنِ:
أحَدُهُما: أنَّها مَكِّيَّةٌ، رَواهُ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ، ومُجاهِدٍ، وجابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وقَتادَةَ.
والثّانِي: أنَّها مَدَنِيَّةٌ، رَواهُ عَطاءُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو قَوْلُ مُقاتِلٍ. وقِيلَ: إنَّها مَدَنِيَّةٌ إلّا آيَةً نَزَلَتْ بِمَكَّةَ في عُثْمانَ بْنِ طَلْحَةَ حِينَ أرادَ النَّبِيُّ ﷺ أنْ يَأْخُذَ مِنهُ مَفاتِيحَ الكَعْبَةِ، فَيُسَلِّمَها إلى العَبّاسِ، وهي قَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأماناتِ إلى أهْلِها﴾ ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ:
أحَدُهُما: أنَّهُ بِمَعْنى: الطّاعَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: بِمَعْنى: الخَشْيَةُ. قالَهُ مُقاتِلٌ. .
والنَّفْسُ الواحِدَةُ: آدَمُ، وزَوْجُها حَوّاءُ، و"مِن" في قَوْلِهِ: ﴿وَخَلَقَ مِنها﴾ لِلتَّبْعِيضِ في قَوْلِ الجُمْهُورِ. وقالَ ابْنُ بَحْرٍ: مِنها، أيْ: مِن جِنْسِها.
واخْتَلَفُوا أيُّ وقْتٍ خُلِقَتْ لَهُ، عَلى قَوْلَيْنِ:
(p-٢)أحَدُهُما: أنَّها خُلِقَتْ بَعْدَ دُخُولِهِ الجَنَّةَ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: قَبْلَ دُخُولِهِ الجَنَّةَ، قالَهُ كَعْبُ الأحْبارِ، ووَهْبٌ، وابْنُ إسْحاقَ.
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لَمّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، ألْقى عَلَيْهِ النَّوْمَ، فَخَلَقَ حَوّاءَ مِن ضِلْعٍ مِن أضْلاعِهِ اليُسْرى، فَلَمْ تُؤْذِهِ بِشَيْءٍ، ولَوْ وجَدَ الأذى ما عَطَفَ عَلَيْها أبَدًا، فَلَمّا اسْتَيْقَظَ؛ قِيلَ: يا آدَمَ ما هَذِهِ؟ قالَ: حَوّاءُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَبَثَّ مِنهُما﴾ قالَ الفَرّاءُ: بَثَّ: نَشَرَ، ومِنَ العَرَبِ مَن يَقُولُ: أبَثَّ اللَّهُ الخَلْقَ، ويَقُولُونَ: بَثَثْتُكَ ما في نَفْسِي، وأبْثَثْتُكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِي تَساءَلُونَ بِهِ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، والبُرْجُمِيُّ، عَنْ أبِي بَكْرٍ، عَنْ عاصِمٍ. واليَزِيدِيُّ، وشُجاعٌ، والجَعْفِيُّ، وعَبْدُ الوارِثِ، عَنْ أبِي عَمْرٍو: ( تَسّاءَلُونَ) بِالتَّشْدِيدِ. وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وكَثِيرٌ مِن أصْحابِ أبِي عَمْرٍو عَنْهُ بِالتَّخْفِيفِ.
قالَ الزَّجّاجُ: الأصْلُ: تَتَساءَلُونَ، فَمَن قَرَأ بِالتَّشْدِيدِ. أدْغَمَ التّاءَ في السِّينِ، لِقُرْبِ مَكانِ هَذِهِ مِن هَذِهِ، ومَن قَرَأ بِالتَّخْفِيفِ، حَذَفَ التّاءَ الثّانِيَةَ لِاجْتِماعِ التّاءَيْنِ.
وَفِي مَعْنى "تُساءَلُونَ بِهِ" ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: تَتَعاطَفُونَ بِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: تَتَعاقَدُونَ، وتَتَعاهَدُونَ بِهِ. قالَهُ الضَّحّاكُ، والرَّبِيعُ.
(p-٣)والثّالِثُ: تَطْلُبُونَ حُقُوقَكم بِهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ.
فَأمّا قَوْلُهُ: "والأرْحامَ" فالجُمْهُورُ عَلى نَصْبِ المِيمِ عَلى مَعْنى: واتَّقُوا الأرْحامَ أنْ تَقْطَعُوها، وفَسَّرَها عَلى هَذا ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، والسُّدِّيُّ، وابْنُ زَيْدٍ. وقَرَأ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، والأعْمَشُ، وحَمْزَةُ بِخَفْضِ المِيمِ عَلى مَعْنى: تُساءَلُونَ بِهِ وبِالأرْحامِ، وفَسَّرَها عَلى هَذا الحَسَنُ، وعَطاءُ، والنَّخَعِيُّ.
وَقالَ الزَّجّاجُ: الخَفْضُ في "الأرْحامِ" خَطَأٌ في العَرَبِيَّةِ لا يَجُوزُ إلّا في اضْطِرارِ الشِّعْرِ، وخَطَأٌ في الدِّينِ؛ لِأنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: « "لا تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ"» وذَهَبَ إلى نَحْوِ هَذا الفَرّاءُ، وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: إنَّما أرادَ حَمْزَةُ الخَبَرَ عَنِ الأمْرِ القَدِيمِ الَّذِي جَرَتْ عادَتُهم بِهِ، فالمَعْنى: الَّذِي كُنْتُمْ تُساءَلُونَ بِهِ وبِالأرْحامِ في الجاهِلِيَّةِ. قالَ أبُو عَلِيٍّ: مَن جَرَّ عَطَفَ عَلى الضَّمِيرِ المَجْرُورِ بِالباءِ، وهو ضَعِيفٌ في القِياسِ، قَلِيلٌ في الِاسْتِعْمالِ، فَتَرْكُ الأخْذِ بِهِ أحْسَنُ.
فَأمّا الرَّقِيبُ، فَقالَ: ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ: الرَّقِيبُ الحافِظُ. وقالَ الخَطّابِيُّ: هو الحافِظُ الَّذِي لا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وهو في نُعُوتِ الآدَمِيِّينَ المُوَكَّلُ بِحِفْظِ (p-٤)الشَّيْءِ، المُتَرَصِّدِ لَهُ، المُتَحَرِّزُ عَنِ الغَفْلَةِ فِيهِ، يُقالُ مِنهُ: رَقَبْتُ الشَّيْءَ أرْقُبُهُ رِقْبَةً.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰحِدَةࣲ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالࣰا كَثِیرࣰا وَنِسَاۤءࣰۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِی تَسَاۤءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَیۡكُمۡ رَقِیبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق