الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِها﴾ أيْ: يَقْبِضُ الأرْواحَ حِينَ مَوْتِ أجْسادِها ﴿والَّتِي لَمْ تَمُتْ﴾ أيْ: ويَتَوَفّى الَّتِي لَمْ تَمُتْ ﴿فِي مَنامِها﴾ . ﴿فَيُمْسِكُ﴾ أيْ: عَنِ الجَسَدِ [والنَّفْسِ] ﴿الَّتِي قَضى عَلَيْها المَوْتَ﴾ وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "قُضِيَ" بِضَمِّ القافِ وفَتْحِ الياءِ، "المَوْتُ" بِالرَّفْعِ. ﴿وَيُرْسِلُ الأُخْرى﴾ إلى الجَسَدِ ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ وهو انْقِضاءُ العُمْرِ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في أمْرِ البَعْثِ. ورَوى (p-١٨٦) [سَعِيدُ] بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: تَلْتَقِي أرْواحُ الأحْياءِ وأرْواحُ الأمْواتِ في المَنامِ، فَيَتَعارَفُونَ ويَتَساءَلُونَ، ثُمَّ تُرَدُّ أرْواحُ الأحْياءِ إلى أجْسادِها، فَلا يُخْطَأُ بِشَيْءٍ مِنها، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةٍ أُخْرى: في ابْنِ آَدَمَ نَفْسٌ ورُوحٌ، فَبِالنَّفْسِ العَقْلُ والتَّمْيِيزُ، وبِالرُّوحِ النَّفَسُ والتَّحْرِيكُ، فَإذا نامَ العَبْدُ، قَبَضَ اللَّهُ نَفْسَهُ ولَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ. وقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: في الإنْسانِ رُوحٌ ونَفْسٌ، بَيْنَهُما حاجِزٌ، فَهو تَعالى يَقْبِضُ النَّفْسَ عِنْدَ النَّوْمِ يَرُدُّها إلى الجَسَدِ عِنْدَ الِانْتِباهِ، فَإذا أرادَ إماتَةَ العَبْدِ في نَوْمِهِ، لَمْ يَرُدَّ النَّفْسَ وقَبَضَ الرُّوحَ. وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ، هَلْ بَيْنَ النَّفْسِ والرُّوحِ فَرْقٌ؟ عَلى قَوْلَيْنِ قَدْ ذَكَرْتُهُما في "الوُجُوهِ والنَّظائِرِ"، وزِدْتُ هَذِهِ الآَيَةَ شَرْحًا في بابِ التَّوَفِّي في كِتابِ "النَّظائِرِ" . وذَهَبَ بَعْضُ العُلَماءِ إلى أنَّ التَّوَفِّيَ المَذْكُورَ في حَقِّ النّائِمِ هو نَوْمُهُ، وهَذا اخْتِيارُ الفَرّاءِ وابْنُ الأنْبارِيِّ؛ فَعَلى هَذا، يَكُونُ مَعْنى تُوُفِّيَ النّائِمُ: قَبْضُ نَفْسِهِ عَنِ التَّصَرُّفِ، وإرْسالُها: إطْلاقُها بِاليَقَظَةِ لِلتَّصَرُّفِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب