الباحث القرآني

(p-١٦٠)سُورَةُ الزُّمَرِ وَتُسَمّى سُورَةُ الغُرَفِ * فَصْلٌ في نُزُولِها رَوى العَوْفِيُّ وابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها مَكِّيَّةٌ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، وجابِرُ بْنُ زَيْدٍ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: فِيها آَيَتانِ نَزَلَتا بِالمَدِينَةِ: قَوْلُهُ: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أحْسَنَ الحَدِيثِ﴾ [الزُّمَرِ: ٢٣] وقَوْلُهُ: ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ [الزُّمَرِ: ٥٣] . وقالَ مُقاتِلٌ: فِيها مِنَ المَدَنِيِّ ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا. . .﴾ الآَيَةُ [الزُّمَرِ: ٥٣]، وقَوْلُهُ: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا في هَذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ﴾ [الزُّمَرِ: ١٠] . وفي رِوايَةٍ أُخْرى عَنْهُ قالَ: فِيها آَيَتانِ مَدَنِيَّتانِ ﴿يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ [الزُّمَرِ: ٥٣] وقَوْلُهُ: ﴿يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ [الزُّمَرِ: ١٠] . وقالَ بَعْضُ السَّلَفِ: فِيها ثَلاثُ آَياتٍ مَدَنِيّاتٍ ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُوا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وَأنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ﴾ [الزُّمَرِ:٥٣-٥٥] . (p-١٦١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَنْزِيلُ الكِتابِ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: الكِتابُ هاهُنا القُرْآَنُ، ورَفْعُ "تَنْزِيلُ" مِن وجْهَيْنِ. أحَدُهُما: الِابْتِداءُ، ويَكُونُ الخَبَرُ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾، فالمَعْنى: نَزَلَ مِن عِنْدِ اللَّهِ. والثّانِي: عَلى إضْمارِ: هَذا تَنْزِيلُ الكِتابِ؛ و ﴿مُخْلِصًا﴾ مَنصُوبٌ عَلى الحالِ؛ فالمَعْنى: فاعْبُدِ اللَّهَ مُوَحِّدًا لا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألا لِلَّهِ الدِّينُ الخالِصُ﴾ يَعْنِي: الخالِصُ مِنَ الشِّرْكِ، وما سِواهُ لَيْسَ بِدِينِ اللَّهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ؛ [وَقِيلَ]: المَعْنى: لا يَسْتَحِقُّ الدِّينَ الخالِصَ إلّا الِلَّهُ. ﴿والَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أوْلِياءَ﴾ يَعْنى آَلِهَةً، ويَدْخَلُ في هَؤُلاءِ اليَهُودُ حِينَ قالُوا: ﴿عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ والنَّصارى لِقَوْلِهِمْ: ﴿المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التَّوْبَةِ: ٣٠] وجَمِيعُ عُبّادِ الأصْنامِ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿لَوْ أرادَ اللَّهُ أنْ يَتَّخِذَ ولَدًا﴾ [الزُّمَرِ: ٤] . (p-١٦٢)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَعْبُدُهُمْ﴾ أيْ: يَقُولُونَ ما نَعْبُدُهم ﴿إلا لِيُقَرِّبُونا إلى اللَّهِ زُلْفى﴾ أيْ: إلّا لِيَشْفَعُوا لَنا إلى اللَّهِ. والزُّلْفى: القُرْبى، وهو اسْمٌ أُقِيمَ مَقامَ المَصْدَرِ، فَكَأنَّهُ قالَ: إلّا لِيُقَرِّبُونا إلى اللَّهِ تَقْرِيبًا. ﴿إنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ أيْ: بَيْنَ أهْلِ الأدْيانِ فِيما كانُوا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِن أمْرِ الدِّينِ. وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ هَذِهِ الآَيَةَ مَنسُوخَةٌ بِآَيَةِ السَّيْفِ، ولا وجْهَ لِذَلِكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي﴾ أيْ: لا يُرْشِدُ ﴿مَن هو كاذِبٌ﴾ في قَوْلِهِ: إنَّ الآَلِهَهُ تَشْفَعُ ﴿كَفّارٌ﴾ أيْ: كافِرٌ بِاتِّخاذِها آَلِهَةً، وهَذا إخْبارٌ عَمَّنْ سَبَقَ عَلَيْهِ القَضاءُ بِحِرْمانِ الهِدايَةِ. ﴿لَوْ أرادَ اللَّهُ أنْ يَتَّخِذَ ولَدًا﴾ [أيْ]: عَلى ما يَزْعُمُ مَن يُنْسَبُ ذَلِكَ إلى اللَّهِ ﴿لاصْطَفى﴾ أيْ: لاخْتارَ مِمّا يَخْلُقُ. قالَ مُقاتِلٌ: أيْ: مِنَ المَلائِكَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب