الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: سَبَقَ في عِلْمِ اللَّهِ أنَّهُ في النّارِ. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ اجْتَمَعَ في هَذِهِ الآَيَةِ اسْتِفْهامانِ بِلا جَوابٍ؟ قِيلَ: أمّا الفَرّاءُ، فَإنَّهُ يَقُولُ: هَذا مِمّا يُرادُ بِهِ اسْتِفْهامٌ واحِدٌ، فَسَبَقَ الِاسْتِفْهامَ إلى غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَرُدَّ إلى مَوْضِعِهِ الَّذِي هو لَهُ، فَيَكُونُ المَعْنى: أفَأنْتَ تُنْقِذُ مَن في النّارِ مَن حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ؟ ومِثْلُهُ: ﴿أيَعِدُكم أنَّكم إذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ تُرابًا وعِظامًا أنَّكم مُخْرَجُونَ﴾ [المُؤْمِنُونَ: ٣٥] فَرَدَّ "أنَّكُمْ" مَرَّتَيْنِ، والمَعْنى: أيَعِدُكم أنَّكم مُخْرَجُونَ إذا مُتُّمْ؟ ومِثْلُهُ: ﴿لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أتَوْا﴾ ثُمَّ قالَ: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ﴾ [آَلِ عِمْرانَ: ١٨٨] فَرَدَّ "تَحْسَبَنَّ" مَرَّتَيْنِ، والمَعْنى: لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ. وقالَ الزَّجّاجُ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ في الكَلامِ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: أفَمَن حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذابِ فَيَتَخَلَّصُ مِنهُ أوْ يَنْجُو، أفَأنْتَ تُنْقِذُهُ؟ قالَ المُفَسِّرُونَ: أفَأنْتَ (p-١٧٢)تَخَلِّصُهُ مِمّا قُدِّرَ لَهُ فَتَجْعَلُهُ مُؤْمِنًا؟ والمَعْنى: ما تَقْدِرُ عَلى ذَلِكَ قالَ عَطاءٌ: يُرِيدُ بِهَذِهِ الآَيَةِ أبا لَهَبٍ ووَلَدَهُ ومَن تَخَلَّفَ مِن عَشِيرَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الإيمانِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ، وأبُو جَعْفَرٍ: "لَكِنْ" بِتَشْدِيدِ النُّونِ [وَفَتْحِها] . قالَ الزَّجّاجُ: والغُرَفُ: هي المَنازِلُ الرَّفِيعَةُ في الجَنَّةِ، ﴿مِن فَوْقِها غُرَفٌ﴾ أيْ: مَنازِلٌ أرْفَعُ مِنها. ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ مَنصُوبٌ عَلى المَصْدَرِ؛ فالمَعْنى: وعَدَهُمُ اللَّهُ غُرَفًا وعْدًا. ومَن قَرَأ: "وَعْدُ اللَّهِ" بِالرَّفْعِ؛ المَعْنى: ذَلِكَ وعْدُ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب