الباحث القرآني

(p-٣٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيِ: انْقَطِعُوا عَنِ المُؤْمِنِينَ وتَمَيَّزُوا مِنهُمْ، يُقالُ: مِزْتُ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ: إذا عَزَلْتَهُ عَنْهُ، فانْمازَ وامْتازَ، ومَيَّزْتُهُ فَتَمَيَّزَ. قالَ المُفَسِّرُونَ: إذا اخْتَلَطَ الإنْسُ والجِنُّ في الآَخِرَةِ، قِيلَ: ﴿وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ﴾، فَيُقالُ لِلْمُجْرِمِينَ: ﴿ألَمْ أعْهَدْ إلَيْكُمْ﴾؟ أيْ: ألَمْ آَمُرْكُمْ، ألَمْ أُوصِيكُمْ؟ . و "تَعْبُدُوا" بِمَعْنى تُطِيعُوا، والشَّيْطانُ هو إبْلِيسُ، زَيَّنَ لَهُمُ الشِّرْكَ فَأطاعُوهُ، ﴿إنَّهُ لَكم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ ظاهِرُ العَداوَةِ، أخْرَجَ أبَوَيْكم مِنَ الجَنَّةِ. ﴿وَأنِ اعْبُدُونِي﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ، والكِسائِيُّ: "وَأنِ اعْبُدُونِي" بِضَمِّ النُّونِ. وقَرَأ عاصِمٌ، وأبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ: "وَأنِ اعْبُدُونِي" بِكَسْرِ النُّونِ؛ والمَعْنى: وحِّدُونِي ﴿هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ يَعْنِي التَّوْحِيدَ. ﴿وَلَقَدْ أضَلَّ مِنكم جِبِلا﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلْفٌ: "جَبَلًا" بِضَمِّ الجِيمِ والباءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "جَبَلًا" بِضَمِّ الجِيمِ وتَسْكِينِ الباءِ مَعَ تَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأ نافِعٌ، وعاصِمٌ: "جَبَلًا" بِكَسْرِ الجِيمِ والباءِ مَعَ تَشْدِيدِ اللّامِ. وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والأعْمَشُ: "جَبَلًا" بِضَمِّ الجِيمِ والباءِ مَعَ تَشْدِيدِ اللّامِ. وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وابْنُ السَّمَيْفَعِ: "جَبَلًا" بِكَسْرِ الجِيمِ وسُكُونِ الباءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وأبُو المُتَوَكِّلِ، ومُعاذٌ القارِئُ: "جَبَلًا" بِرَفْعِ الجِيمِ وفَتْحِ الباءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأ أبُو العالِيَةَ، وابْنُ يَعْمُرَ: "جَبَلًا" بِكَسْرِ الجِيمِ وفَتْحِ الباءِ وتَخْفِيفِ اللّامِ. وقَرَأ أبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ، وعَمْرُو بْنُ دِينارٍ: "جِبالًا" مَكْسُورَةَ الجِيمِ مَفْتُوحَةَ الباءِ وبِألِفٍ. ومَعْنى الكَلِمَةِ كَيْفَ تَصَرَّفَتْ في هَذِهِ اللُّغاتِ: الخَلْقُ والجَماعَةُ؛ فالمَعْنى: (p-٣١)وَلَقَدْ أضَلَّ مِنكم خَلْقًا كَثِيرًا ﴿أفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾؟؛ فالمَعْنى: قَدْ رَأيْتُمْ آَثارَ الهالِكِينَ قَبْلَكم بِطاعَةِ الشَّيْطانِ، أفَلَمْ تَعْقِلُوا ذَلِكَ؟! وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وأبُو رَزِينٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وأبُو رَجاءٍ، ومُجاهِدٌ، وابْنُ يَعْمُرَ: "أفَلَمْ يَكُونُوا يَعْقِلُونَ" بِالياءِ فِيهِما، فَإذا أُدْنَوْا إلى جَهَنَّمَ قِيلَ لَهُمْ: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ بِها في الدُّنْيا ﴿اصْلَوْها﴾ أيْ: قاسُوا حَرَّها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب