الباحث القرآني

(p-٣)سُورَةُ يَس وَفِيها قَوْلانِ أحَدُهُما: أنَّها مَكِّيَّةٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، والجُمْهُورُ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ أنَّهُما قالا: إنَّها مَكِّيَّةٌ إلّا آَيَةً مِنها، وهي قَوْلُهُ ﴿وَإذا قِيلَ لَهم أنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾ [يس: ٤٥] . والثّانِي: أنَّها مَدَنِيَّةٌ، حَكاهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ، وقالَ: لَيْسَ بِالمَشْهُورِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يس﴾ خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ مَعْناها: يا إنْسانُ، بِالحَبَشِيَّةِ، رَواهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ الحَسَنُ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وعِكْرِمَةُ، ومُقاتِلٌ. والثّانِي: أنَّها قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وهو مِن أسْمائِهِ، رَواهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّ مَعْناها: يا مُحَمَّدُ، قالَهُ ابْنُ الحَنَفِيَّةِ، والضَّحّاكُ. (p-٤)والرّابِعُ: أنَّ مَعْناها: يا رَجُلُ، قالَهُ الحَسَنُ. والخامِسُ: اسْمٌ مِن أسْماءِ القُرْآَنِ، قالَهُ قَتادَةُ. وَقَرَأ الحَسَنُ، وأبُو الجَوْزاءِ: "يَسِنِ" بِفَتْحِ الياءِ وكَسْرِ النُّونِ. وقَرَأ أبُو المُتَوَكِّلِ، وأبُو رَجاءٍ، وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: بِفَتْحِ الياءِ والنُّونِ جَمِيعًا. وقَرَأ أبُو حَصِينٍ الأسَدِيُّ: بِكَسْرِ الياءِ وإظْهارِ النُّونِ. قالَ الزَّجّاجُ: والَّذِي عِنْدَ أهْلِ العَرَبِيَّةِ أنَّ هَذا بِمَنزِلَةِ افْتِتاحِ السُّوَرِ، وبَعْضُ العَرَبِ يَقُولُ: "يَسِنُ والقُرْآَنُ" بِفَتْحِ النُّونِ، وهَذا جائِزٌ في العَرَبِيَّةِ لِوَجْهَيْنِ. أحَدُهُما: أنْ "يَس" اسْمٌ لِلسُّورَةِ، فَكَأنَّهُ قالَ: اتْلُ يَس، وهو عَلى وزْنِ هابِيلَ وقابِيلَ لا يَنْصَرِفُ. والثّانِي: أنَّهُ فُتِحَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، والتَّسْكِينُ أجْوَدُ، لِأنَّهُ حَرْفُ هِجاءٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ هَذا قَسَمٌ، وقَدْ سَبَقَ مَعْنى "الحَكِيمِ" [البَقَرَةِ: ٣٢]، قالَ الزَّجّاجُ: وجَوابُهُ: ﴿إنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ﴾ وأحْسَنُ ما جاءَ في العَرَبِيَّةِ أنْ يَكُونَ "لِمَنَ المُرْسَلِينَ" خَبَرُ "إنَّ"، ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ خَبَرًا ثانِيًا، فَيَكُونُ المَعْنى: إنَّكَ لِمَنَ المُرْسَلِينَ، إنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ "عَلى صِراطٍ" مِن صِلَةِ "المُرْسَلِينَ"، فَيَكُونُ المَعْنى: إنَّكَ لِمَنَ المُرْسَلِينَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا عَلى طَرِيقَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَنْزِيلَ العَزِيزِ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو: "تَنْزِيلُ" (p-٥)بِرَفْعِ اللّامِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "تَنْزِيلَ" بِنَصْبِ اللّامِ. وعَنْ عاصِمٍ كالقِراءَتَيْنِ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن قَرَأ بِالنَّصْبِ، فَعَلى المَصْدَرِ، عَلى مَعْنى: نَزَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ تَنْزِيلًا، ومَن قَرَأ بِالرَّفْعِ، فَعَلى مَعْنى: الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ تَنْزِيلَ العَزِيزِ. وقالَ الفَرّاءُ: مَن نَصَبَ أرادَ إنَّكَ لِمَنَ المُرْسَلِينَ تَنْزِيلًا حَقًّا مُنْزَلًا ويَكُونُ الرَّفْعُ عَلى الِاسْتِئْنافِ، كَقَوْلِهِ: ذَلِكَ تَنْزِيلُ العَزِيزِ. وقَرَأ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وأبُو رَزِينٍ، وأبُو العالِيَةَ، والحَسَنُ، والجَحْدَرِيُّ " "تَنْزِيلِ" بِكَسْرِ اللّامِ. وقالَ مُقاتِلٌ: هَذا القُرْآَنُ تَنْزِيلُ العَزِيزِ في مُلْكِهِ، الرَّحِيمِ بِخَلْقِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ﴾ في "ما" قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها نَفْيٌ، وهو قَوْلُ قَتادَةَ والزَّجّاجُ في الأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى "كَما"، قالَهُ مُقاتِلٌ. وقِيلَ: هي بِمَعْنى "الَّذِي" . قَوْلُهُ تَعالى" ﴿فَهم غافِلُونَ﴾ أيْ: عَنْ حُجَجِ التَّوْحِيدِ وأدِلَّةِ البَعْثِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب