الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أعِظُكُمْ﴾ أيْ: آمُرُكم وأُوصِيكم ﴿بِواحِدَةٍ﴾ وفِيها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها " لا إلَهَ إلّا اللَّهُ "، رَواهُ لَيْثٌ عَنْ مُجاهِدٍ. (p-٤٦٥)والثّانِي: طاعَةُ اللَّهِ، رَواهُ ابْنُ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ. والثّالِثُ: أنَّها قَوْلُهُ: ﴿أنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وفُرادى﴾، قالَهُ قَتادَةُ. والمَعْنى: أنَّ الَّتِي أعِظُكم بِها، قِيامُكم وتَشْمِيرُكم لِطَلَبِ الحَقِّ، ولَيْسَ بِالقِيامِ عَلى الأقْدامِ. والمُرادُ بِقَوْلِهِ: ﴿مَثْنى﴾ أيْ: يَجْتَمِعُ اثْنانِ فَيَتَناظَرانِ في أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، والمُرادُ بِـ ﴿فُرادى﴾: أنْ يَتَفَكَّرَ الرَّجُلُ وحْدَهُ، ومَعْنى الكَلامِ: لِيَتَفَكَّرِ الإنْسانُ مِنكم وحْدَهُ، ولْيَخْلُ بِغَيْرِهِ، ولِيُناظِرْ، ولْيَسْتَشِرْ، فَيَسْتَدِلَّ بِالمَصْنُوعاتِ عَلى صانِعِها، ويُصَدِّقَ الرَّسُولَ عَلى اتِّباعِهِ، ولْيَقُلِ الرَّجُلُ لِصاحِبِهِ: هَلُمَّ فَلْنَتَصادَقْ هَلْ رَأيْنا بِهَذا الرَّجُلِ جِنَّةً قَطُّ، أوْ جَرَّبْنا عَلَيْهِ كَذِبًا قَطُّ. وتَمَّ الكَلامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكم مِن جِنَّةٍ﴾، وفِيهِ اخْتِصارٌ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا لِتَعْلَمُوا صِحَّةَ ما أمَرْتُكم بِهِ وأنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ، ﴿إنْ هو إلا نَذِيرٌ لَكم بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ﴾ في الآخِرَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ ما سَألْتُكم مِن أجْرٍ﴾ عَلى تَبْلِيغِ الرِّسالَةِ ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾ (p-٤٦٦)والمَعْنى: ما أسْألُكم شَيْئًا؛ ومِثْلُهُ قَوْلُ القائِلِ ما لِي في هَذا فَقَدْ وهَبْتُهُ لَكَ، يُرِيدُ: لَيْسَ لِي فِيهِ شَيْءٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالحَقِّ﴾ أيْ: يُلْقِي الوَحْيَ إلى أنْبِيائِهِ ﴿عَلامُ الغُيُوبِ﴾ وقَرَأ أبُو رَجاءٍ: " عَلّامَ " بِنَصْبِ المِيمِ. ﴿قُلْ جاءَ الحَقُّ﴾ وهو الإسْلامُ والقُرْآنُ. وَفِي المُرادِ بِالباطِلِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ الشَّيْطانُ، لا يَخْلُقُ أحَدًا ولا يَبْعَثُهُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّهُ الأصْنامُ، لا تُبْدِئُ خَلْقًا ولا تُحْيِي، قالَهُ الضَّحّاكُ. وقالَ أبُو سُلَيْمانَ: لا يَبْتَدِئُ الصَّنَمُ مِن عِنْدِهِ كَلامًا فَيُجابَ، ولا يَرُدُّ ما جاءَ مِنَ الحَقِّ بِحُجَّةٍ. والثّالِثُ: أنَّهُ الباطِلُ الَّذِي يُضادُّ الحَقَّ؛ فالمَعْنى: ذَهَبَ الباطِلُ بِمَجِيءِ الحَقِّ، فَلَمْ تَبْقَ مِنهُ بَقِيَّةٌ يُقْبِلُ بِها أوْ يُدْبِرُ أوْ يُبْدِئُ أوْ يُعِيدُ، ذَكَرَهُ جَماعَةٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ إنْ ضَلَلْتُ فَإنَّما أضِلُّ عَلى نَفْسِي﴾ أيْ: إثْمُ ضَلالَتِي (p-٤٦٧)عَلى نَفْسِي، وذَلِكَ أنَّ كُفّارَ مَكَّةَ زَعَمُوا أنَّهُ قَدْ ضَلَّ حِينَ تَرَكَ دِينَ آبائِهِ ﴿وَإنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إلَيَّ رَبِّي﴾ مِنَ الحِكْمَةِ والبَيانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب