الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ﴾ المَعْنى: قُلْ لِلْكُفّارِ: ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم آلِهَةٌ لِيُنْعِمُوا عَلَيْكم بِنِعْمَةٍ، أوْ يَكْشِفُوا عَنْكم بَلِيَّةً. ثُمَّ أخْبَرَ عَنْهم فَقالَ: ﴿لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ في السَّماواتِ ولا في الأرْضِ﴾ أيْ: مِن خَيْرٍ وشَرٍّ ونَفْعٍ وضُرٍّ ﴿وَما لَهم فِيهِما مِن شِرْكٍ﴾ لَمْ يُشارِكُونا في شَيْءٍ مِن خَلْقِهِما، ﴿وَما لَهُ﴾ أيْ: وما لِلَّهِ ﴿مِنهُمْ﴾ أيْ: مِنَ الآلِهَةِ ﴿مِن ظَهِيرٍ﴾ أيْ: مِن مُعِينٍ عَلى شَيْءٍ.
﴿وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إلا لِمَن أذِنَ لَهُ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ: " أذِنَ لَهُ " بِفَتْحِ الألِفِ. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ: " أُذِنَ لَهُ " بِرَفْعِ الألِفِ. وعَنْ عاصِمٍ كالقِراءَتَيْنِ. أيْ: لا تَنْفَعُ شَفاعَةُ مَلَكٍ ولا نَبِيٍّ حَتّى يُؤْذَنَ لَهُ في الشَّفاعَةِ، وقِيلَ: حَتّى يُؤْذَنَ لَهُ فِيمَن يَشْفَعُ. وفي هَذا رَدٌّ عَلَيْهِمْ حِينَ قالُوا: إنَّ هَذِهِ الآلِهَةَ تَشْفَعُ لَنا.
(p-٤٥٢)﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ﴾ قَرَأ الأكْثَرُونَ: " فُزِّعَ " بِضَمِّ الفاءِ وكَسْرِ الزّايِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: خُفِّفَ عَنْها الفَزَعُ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْناهُ: كُشِفَ الفَزَعُ عَنْ قُلُوبِهِمْ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، ويَعْقُوبُ، وأبانُ: " فَزَعَ " بِفَتْحِ الفاءِ والزّايِ، والفِعْلُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ. وقَرَأ الحَسَنُ، وقَتادَةُ، وابْنُ يَعْمَرَ: " فَرَغَ " بِالرّاءِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، وبِالغَيْنِ مُعْجَمَةً، وهو بِمَعْنى الأوَّلِ، لِأنَّها فَرَغَتْ مِنَ الفَزَعِ. وقالَ غَيْرُهُ: بَلْ فَرَغَتْ مِنَ الشَّكِّ والشِّرْكِ.
وَفِي المُشارِ إلَيْهِمْ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ. وقَدْ دَلَّ الكَلامُ عَلى أنَّهم يَفْزَعُونَ لِأمْرٍ يَطْرَأُ عَلَيْهِمْ مِن أمْرِ اللَّهِ، ولَمْ يَذْكُرْهُ في الآيَةِ، لِأنَّ إخْراجَ الفَزَعِ يَدُلُّ عَلى حُصُولِهِ. وفي سَبَبِ فَزَعِهِمْ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهم يَفْزَعُونَ لِسَماعِ كَلامِ اللَّهِ تَعالى. رَوى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قالَ: " «إذا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالوَحْيِ سَمِعَ أهْلُ السَّماءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلى الصَّفا، فَيُصْعَقُونَ، فَلا يَزالُونَ كَذَلِكَ حَتّى يَأْتِيَهم جِبْرِيلُ، فَإذا جاءَهم جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، فَيَقُولُونَ: يا جِبْرِيلُ: ماذا قالَ رَبُّكَ؟ قالَ: فَيَقُولُ: الحَقَّ، فَيُنادُونَ: الحَقُّ الحَقُّ "» ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: " «إذا قَضى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ الأمْرَ في السَّماءِ ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بِأجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ، كَأنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلى صَفْوانٍ، فَإذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ، قالُوا: (p-٤٥٣)لِلَّذِي قالَ الحَقَّ ﴿وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ "»
والثّانِي: أنَّهم يَفْزَعُونَ مِن قِيامِ السّاعَةِ. وفي السَّبَبِ الَّذِي ظَنُّوهُ بِدُنُوِّ السّاعَةِ فَفَزِعُوا، قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ لَمّا كانَتِ الفَتْرَةُ الَّتِي بَيْنَ عِيسى ومُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِما وسَلَّمَ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا، أنْزَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ بِالوَحْيِ، فَلَمّا نَزَلَ ظَنَّتِ المَلائِكَةُ أنَّهُ نَزَلَ بِشَيْءٍ مِن أمْرِ السّاعَةِ، فَصُعِقُوا لِذَلِكَ، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يَمُرُّ بِكُلِّ سَماءٍ ويَكْشِفُ عَنْهُمُ الفَزَعَ ويُخْبِرُهم أنَّهُ الوَحْيُ، قالَهُ قَتادَةُ، ومُقاتِلٌ، وابْنُ السّائِبِ. وقِيلَ: لَمّا عَلِمُوا بِالإيحاءِ إلى مُحَمَّدٍ ﷺ، فَزِعُوا، لِعِلْمِهِمْ أنَّ ظُهُورَهُ مِن أشْراطِ السّاعَةِ.
والثّانِي: أنَّ المَلائِكَةَ المُعَقِّباتِ الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلى أهْلِ الأرْضِ ويَكْتُبُونَ أعْمالَهم إذا أرْسَلَهُمُ اللَّهُ تَعالى فانْحَدَرُوا، يُسْمَعُ لَهم صَوْتٌ شَدِيدٌ، فَيَحْسَبُ الَّذِينَ هم أسْفَلُ مِنهم مِنَ المَلائِكَةِ أنَّهُ مَن أمْرِ السّاعَةِ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا، ويَصْعَقُونَ حَتّى يَعْلَمُوا أنَّهُ لَيْسَ مِن أمْرِ السّاعَةِ، وهَذا كُلَّما مَرُّوا عَلَيْهِمْ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِمُ المُشْرِكُونَ؛ ثُمَّ في مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّ المَعْنى: حَتّى إذا كُشِفَ الفَزَعُ عَنْ قُلُوبِ المُشْرِكِينَ عِنْدَ المَوْتِ- إقامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ- قالَتْ لَهُمُ المَلائِكَةُ: ماذا قالَ رَبُّكم في الدُّنْيا؟ قالُوا: الحَقَّ، فَأقَرُّوا حِينَ لَمْ يَنْفَعْهُمُ الإقْرارُ، قالَهُ الحَسَنُ، وابْنُ زَيْدٍ.
(p-٤٥٤)والثّانِي: حَتّى إذا كُشِفَ الغِطاءُ عَنْ قُلُوبِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ، قِيلَ لَهُمْ: ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالَهُ مُجاهِدٌ.
{"ayahs_start":22,"ayahs":["قُلِ ٱدۡعُوا۟ ٱلَّذِینَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا یَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَمَا لَهُمۡ فِیهِمَا مِن شِرۡكࣲ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِیرࣲ","وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُۥۤ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰۤ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُوا۟ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُوا۟ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"],"ayah":"وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُۥۤ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰۤ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُوا۟ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُوا۟ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











