الباحث القرآني

(p-٣٩٦)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ قالَ مُجاهِدٌ: هو أنْ لا يَنْساهُ أبَدًا. وقالَ ابْنُ السّائِبِ: يُقالُ: ﴿ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ بِالصَّلَواتِ الخَمْسِ. وقالَ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: هو التَّسْبِيحُ والتَّحْمِيدُ والتَّهْلِيلُ والتَّكْبِيرُ عَلى كُلِّ حالٍ: وقَدْ رَوى أبُو هُرَيْرَةَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: " يَقُولُ رَبُّكُمْ: أنا مَعَ عَبْدِي ما ذَكَرَنِي وتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتاهُ "» . (p-٣٩٧)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وأصِيلا﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: الأصِيلُ: ما بَيْنَ العَصْرِ إلى اللَّيْلِ. ولِلْمُفَسِّرِينَ في هَذا التَّسْبِيحِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ الصَّلاةُ، واتَّفَقَ أرْبابُ هَذا القَوْلِ عَلى أنَّ المُرادَ بِالتَّسْبِيحِ بُكْرَةً: صَلاةُ الفَجْرِ. واخْتَلَفُوا في صَلاةِ الأصِيلِ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها صَلاةُ العَصْرِ، (p-٣٩٨)قالَهُ أبُو العالِيَةِ، وقَتادَةُ. والثّانِي: أنَّها الظُّهْرُ والعَصْرُ والمَغْرِبُ والعِشاءُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والثّالِثُ: أنَّها الظُّهْرُ والعَصْرُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ التَّسْبِيحُ بِاللِّسانِ، وهو قَوْلُ: " سُبْحانَ اللَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إلَهَ إلّا اللَّهُ، واللَّهُ أكْبَرُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ "، قالَهُ مُجاهِدٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكم ومَلائِكَتُهُ﴾ في صَلاةِ اللَّهِ عَلَيْنا خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها رَحْمَتُهُ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّانِي: مَغْفِرَتُهُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ. والثّالِثُ: ثَناؤُهُ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ، والرّابِعُ: كَرامَتُهُ، قالَهُ سُفْيانُ. والخامِسُ: بَرَكَتُهُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. وَفِي صَلاةِ المَلائِكَةِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها دُعاؤُهُمْ، قالَهُ أبُو العالِيَةِ. والثّانِي: اسْتِغْفارُهُمْ، قالَهُ مُقاتِلٌ. وَفِي الظُّلُماتِ والنُّورِ ها هُنا ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: الضَّلالَةُ والهُدى، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والثّانِي: الإيمانُ والكُفْرُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والثّالِثُ: الجَنَّةُ والنّارُ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ﴾ الهاءُ والمِيمُ كِنايَةٌ عَنِ المُؤْمِنِينَ. فَأمّا الهاءُ في قَوْلِهِ: ﴿يَلْقَوْنَهُ﴾ فَفِيها قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها تَرْجِعُ إلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ. ثُمَّ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّ مَعْناهُ: تَحِيَّتُهم مِنَ اللَّهِ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ. ورَوى صُهَيْبٌ «عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّ اللَّهَ يُسَلِّمُ عَلى أهْلِ الجَنَّةِ.» والثّانِي: تَحِيَّتُهم مِنَ المَلائِكَةِ يَوْمَ يَلْقَوْنَ اللَّهَ: سَلامٌ، (p-٣٩٩)قالَهُ مُقاتِلٌ. وقالَ أبُو حَمْزَةَ الثُّمالِيُّ: تُسَلِّمُ عَلَيْهِمُ المَلائِكَةُ يَوْمَ القِيامَةِ، وتُبَشِّرُهم حِينَ يَخْرُجُونَ مِن قُبُورِهِمْ. والثّالِثُ: تَحِيَّتُهم بَيْنَهم يَوْمَ يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ: سَلامٌ وهو أنْ يُحَيِّيَ بَعْضُهم بَعْضًا بِالسَّلامِ، ذَكَرَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ الهاءَ تَرْجِعُ إلى مَلَكِ المَوْتِ، وقَدْ سَبَقَ ذِكْرُهُ في ذِكْرِ المَلائِكَةِ. قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إذا جاءَ مَلَكُ المَوْتِ لِقَبْضِ رُوحِ المُؤْمِنِ قالَ لَهُ: رَبُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ. وقالَ البَراءُ بْنُ عازِبٍ: في قَوْلِهِ: ﴿تَحِيَّتُهم يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ﴾ قالَ: مَلَكُ المَوْتِ، لَيْسَ مُؤْمِنٌ يَقْبِضُ رُوحَهُ إلّا سَلَّمَ عَلَيْهِ. فَأمّا الأجْرُ الكَرِيمُ، فَهو الحَسَنُ في الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب