الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما خَلْقُكم ولا بَعْثُكم إلا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ سَبَبُ نُزُولِها أنْ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ في آخَرِينَ مِن قُرَيْشٍ قالُوا لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنَّ اللَّهَ خَلَقَنا أطْوارًا: نُطْفَةً، عَلَقَةً، مُضْغَةً، عِظامًا، لَحْمًا، ثُمَّ تَزْعُمُ أنّا نُبْعَثُ خَلْقًا جَدِيدًا جَمِيعًا في ساعَةٍ واحِدَةٍ؟! فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ومَعْناها: ما خَلْقُكم أيُّها النّاسُ جَمِيعًا في القُدْرَةِ إلّا كَخَلْقِ نَفْسٍ واحِدَةٍ، ولا بَعْثُكم جَمِيعًا في القُدْرَةِ إلّا كَبَعْثِ نَفْسٍ واحِدَةٍ قالَهُ مُقاتِلٌ. وَما بَعْدَ هَذا قَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ [آلِ عِمْرانَ: ٢٧، الرَّعْدِ: ٢، الحَجِّ: ٦٢] إلى قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ الفُلْكَ تَجْرِي في البَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: مِن نِعَمِهِ جَرَيانُ الفُلْكِ ﴿لِيُرِيَكم مِن آياتِهِ﴾ أيْ: لِيُرِيَكم مِن صَنْعَتِهِ عَجائِبَهُ في (p-٣٢٨)البَحْرِ، وابْتِغاءِ الرِّزْقِ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبّارٍ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: أيْ: لِكُلِّ صَبُورٍ عَلى أمْرِ اللَّهِ ﴿شَكُورٍ﴾ في نِعَمِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذا غَشِيَهُمْ﴾ يَعْنِي الكُفّارَ؛ وقالَ بَعْضُهُمْ: هو عامٌّ في الكُفّارِ والمُسْلِمِينَ ﴿مَوْجٌ كالظُّلَلِ﴾ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وهي جَمْعُ ظُلَّةٍ، يُرادُ أنْ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ، فَلَهُ سَوادٌ مِن كَثْرَتِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ وقَدْ سَبَقَ شَرْحُ هَذا [يُونُسَ: ٢٢]؛ والمَعْنى أنَّهم لا يَذْكُرُونَ أصْنامَهم في شَدائِدِهِمْ إنَّما يَذْكُرُونَ اللَّهَ وحْدَهُ. وجاءَ في الحَدِيثِ أنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ أبِي جَهْلٍ لَمّا هَرَبَ يَوْمَ الفَتْحِ مِن رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَكِبَ البَحْرَ فَأصابَتْهم رِيحٌ عاصِفٌ، فَقالَ أهْلُ السَّفِينَةِ: أخْلِصُوا، فَإنَّ آلِهَتَكم لا تُغْنِي عَنْكم شَيْئًا هاهُنا، فَقالَ عِكْرِمَةُ: ما هَذا الَّذِي تَقُولُونَ؟ فَقالُوا: هَذا مَكانٌ لا يَنْفَعُ فِيهِ إلّا اللَّهُ، فَقالَ: هَذا إلَهُ مُحَمَّدٍ الَّذِي كانَ يَدْعُونا إلَيْهِ، لَئِنْ لَمْ يُنْجِنِي في البَحْرِ إلّا الإخْلاصُ ما يُنْجِينِي في البِرِّ غَيْرُهُ، ارْجِعُوا بِنا، فَرَجَعَ فَأسْلَمَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمِنهم مُقْتَصِدٌ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: مُؤْمِنٌ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّانِي: مُقْتَصِدٌ في قَوْلِهِ، وهو كافِرٌ، قالَهُ مُجاهِدٌ. يَعْنِي أنَّهُ يَعْتَرِفُ بِأنَّ اللَّهَ وحْدَهُ القادِرُ عَلى إنْجائِهِ وإنْ كانَ مُضْمِرًا لِلشِّرْكِ. والثّالِثُ: أنَّهُ العادِلُ في الوَفاءِ بِما عاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ في البَحْرِ مِنَ التَّوْحِيدِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. فَأمّا " الخَتّارُ " فَقالَ الحَسَنُ: هو الغَدّارُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الخَتْرُ: أقْبَحُ الغَدْرِ وأشَدُّهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب