الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ﴾ قالَ الحَسَنُ: هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى، فَأمّا آَياتُ اللَّهِ. فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هي القُرْآَنُ ومُحَمَّدٌ ﷺ . وأمّا الشَّهِيدُ، فَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هو بِمَعْنى الشّاهِدِ، وقالَ الخَطّابِيُّ: هو الَّذِي لا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، كَأنَّهُ الحاضِرُ الشّاهِدُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يا أهْلَ الكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَن آمَنَ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: دَعَتِ اليَهُودُ حُذَيْفَةَ، وعَمّارَ بْنَ ياسِرٍ، إلى دِينِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ. وفي المُرادِ بِأهْلِ الكِتابِ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُمُ اليَهُودُ والنَّصارى، قالَهُ الحَسَنُ. والثّانِي: اليَهُودُ. قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ، ومُقاتِلٌ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: الإسْلامُ، والحَجُّ. وقالَ قَتادَةُ: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ، وعَنِ الإسْلامِ. قالَ السُّدِّيُّ: كانُوا إذا سُئِلُوا: هَلْ تَجِدُونَ مُحَمَّدًا في كُتُبِكُمْ؟ قالُوا: لا. فَصَدُّوا عَنْهُ النّاسَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَبْغُونَها﴾، قالَ اللُّغَوِيُّونَ: الهاءُ كِنايَةٌ عَنِ السَّبِيلِ، والسَّبِيلُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. وأنْشَدُوا: ؎ فَلا تَبْعُدْ فَكُلُّ فَتٍى أُناسٍ سَيُصْبِحُ سالِكًا تِلْكَ السَّبِيلا (p-٤٣٠)وَمَعْنى "تَبْغُونَها": تَبْغُونَ لَها، تَقُولُ العَرَبُ: ابْغِنِي خادِمًا، يُرِيدُونَ: ابْتَغِهِ لِي، فَإذا أرادُوا: ابْتَغِ مَعِي، وأعِنِّي عَلى طَلَبِهِ، قالُوا: ابْغِنِي، فَفَتَحُوا الألِفَ، ويَقُولُونَ: وهَبْتُكَ دِرْهَمًا، كَما يَقُولُونَ: وهْبْتُ لَكَ. قالَ الشّاعِرُ: ؎ فَتَوَلّى غُلامُهم ثُمَّ نادى ∗∗∗ أظَلِيمًا أصِيدُكم أمْ حِمارًا أرادَ: أصِيدُ لَكم ومَعْنى الآَيَةِ: يَلْتَمِسُونَ لِسَبِيلِ اللَّهِ الزَّيْغَ والتَّحْرِيفَ، ويُرِيدُونَ رَدَّ الإيمانِ والِاسْتِقامَةِ إلى الكُفْرِ والِاعْوِجاجِ. ويَطْلُبُونَ العُدُولَ عَنِ القَصْدِ، هَذا قَوْلُ الفَرّاءِ، والزَّجّاجِ، واللُّغَوِيِّينَ. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: خَرَجَ هَذا الكَلامُ عَلى السَّبِيلِ، والمَعْنى لِأهْلِهِ، كَأنَّ المَعْنى: تَبْغُونَ لِأهْلِ دِينِ اللَّهِ، ولِمَن هو عَلى سَبِيلِ الحَقِّ عِوَجًا. أيْ: ضَلالًا. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: العِوَجُ بِكَسْرِ العَيْنِ، في الدِّينِ، والكَلامِ، والعَمَلِ، والعَوَجِ بِفَتْحِها، في الحائِطِ والجِذْعِ. وقالَ الزَّجّاجُ: العِوَجُ بِكَسْرِ العَيْنِ: فِيما لا تَرى لَهُ شَخْصًا، وما كانَ لَهُ شَخْصٌ قُلْتَ: عَوَجٌ بِفَتْحِها، تَقُولُ: في أمْرِهِ ودِينِهِ عَوَجٌ، وفي العَصا عَوَجٌ. ورَوى ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ ثَعْلَبٍ قالَ: العِوَجُ عِنْدَ العَرَبِ بِكَسْرِ العَيْنِ: في كُلِّ ما لا يُحاطُ بِهِ، والعَوَجُ بِفَتْحِ العَيْنِ في كُلِّ ما لا يَحْصُلُ، فَيُقالُ: في الأرْضِ عِوَجٌ، وفي الدِّينِ عِوَجٌ، لِأنَّ هَذَيْنَ يَتَّسِعانِ، ولا يُدْرَكانِ. وفي العَصا عِوَجٌ، وفي السِّنِّ عِوَجٌ. لِأنَّهُما يُحاطُ بِهِما، ويَبْلُغُ كُنْهُهُما. وقالَ ابْنُ فارِسٍ: العَوَجُ بِفَتْحِ العَيْنِ: في كُلِّ مُنْتَصِبٍ، كالحائِطِ. والعَوَجُ: ما كانَ في بِساطٍ أوْ أرْضٍ، أوْ دِينٍ، أوْ مَعاشٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْتُمْ شُهَداءُ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ مَعْناهُ، وأنْتُمْ شاهِدُونَ بِصِحَّةِ ما صَدَدْتُمْ عَنْهُ، وبُطْلانِ ما أنْتُمْ فِيهِ، وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ والأكْثَرِينَ. والثّانِي: أنَّ مَعْنى الشُّهَداءِ هاهُنا: العُقَلاءُ، ذَكَرَهُ القاضِي أبُو يَعْلى في آَخَرِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب