الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلا لِبَنِي إسْرائِيلَ﴾ سَبَبُ نُزُولِها «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: "أنا عَلى مِلَّةِ إبْراهِيمَ" فَقالَتِ اليَهُودَ: كَيْفَ وأنْتَ تَأْكُلُ لُحُومَ الإبِلِ، وتَشْرَبُ ألْبانَها؟ فَقالَ: "كانَ ذَلِكَ حِلًّا لِإبْراهِيمَ" فَقالُوا: كُلُّ شَيْءٍ نُحَرِّمُهُ نَحْنُ، فَإنَّهُ كانَ مُحَرَّمًا عَلى نُوحٍ وإبْراهِيمَ حَتّى انْتَهى إلَيْنا. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ تَكْذِيبًا لَهم.» قالَهُ أبُو رَوْقٍ، وابْنُ السّائِبِ و"الطَّعامِ" اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والحِلُّ: الحَلالُ، ومِثْلُهُ الحُرْمُ والحَرامُ، واللُّبْسُ واللِّباسُ. وفي الَّذِي حَرَّمَهُ عَلى نَفْسِهِ، ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لُحُومُ الإبِلِ وألْبانُها. رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، ورَواهُ أبُو صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ، وعَطاءِ ابْنِ أبِي رَباحٍ، (p-٤٢٣)وَأبِي العالِيَةِ في آَخَرِينَ. والثّانِي: أنَّهُ العُرُوقُ، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وهو قَوْلُ مُجاهِدٍ، وقَتادَةَ، والضَّحّاكِ، والسُّدِّيِّ في آَخَرِينَ. والثّالِثُ: أنَّهُ زائِدَتا الكَبِدِ، والكُلْيَتانِ، والشَّحْمُ إلّا ما عَلى الظَّهْرِ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. وفي سَبَبِ تَحْرِيمِهِ لِذَلِكَ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: «أنَّهُ طالَ بِهِ مَرَضٌ شَدِيدٌ، فَنَذَرَ: لَئِنْ شَفاهُ اللَّهُ، لِيُحَرِّمَنَّ أحَبَّ الطَّعامِ والشَّرابِ إلَيْهِ،» رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . والثّانِي: أنَّهُ اشْتَكى عِرْقَ النَّسا فَحَرَّمَ العُرُوقَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ في آَخَرِينَ. والثّالِثُ: أنَّ الأطِبّاءَ وصَفُوا لَهُ حِينَ أصابَهُ النَّسا اجْتِنابَ ما حَرَّمَهُ، فَحَرَّمَهُ، رَواهُ الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والرّابِعُ: أنَّهُ كانَ إذا أكَلَ ذَلِكَ الطَّعامَ، أصابَهُ عِرْقَ النَّسا، فَيَبِيتُ وقِيدًا فَحَرَّمَهُ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. واخْتَلَفُوا: هَلْ حَرَّمَ ذَلِكَ بِإذْنِ اللَّهِ، أوْ بِاجْتِهادِهِ؟ عَلى قَوْلَيْنِ. واخْتَلَفُوا: بِماذا ثَبَتَ تَحْرِيمُ الطَّعامِ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلى اليَهُودِ، عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِمْ بِتَحْرِيمِهِ، ولَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا في التَّوْراةِ، قالَهُ عَطِيَّةُ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: قالَ يَعْقُوبُ: لَئِنْ عافانِي اللَّهُ لا يَأْكُلُهُ لِي ولَدٌ. والثّانِي: أنَّهم وافَقُوا أباهم يَعْقُوبُ في تَحْرِيمِهِ، لا أنَّهُ حَرُمَ عَلَيْهِمْ بِالشَّرْعِ، ثُمَّ أضافُوا تَحْرِيمَهُ إلى اللَّهِ، فَأكْذَبَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ:( ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فاتْلُوها إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)﴾ هَذا قَوْلُ الضَّحّاكِ. والثّالِثُ: أنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ التَّوْراةِ لا فِيها. وكانُوا إذا أصابُوا ذَنْبًا عَظِيمًا، حَرُمَ عَلَيْهِمْ بِهِ طَعامٌ طَيِّبٌ، أوْ صُبَّ عَلَيْهِمْ عَذابٌ، هَذا قَوْلُ ابْنِ السّائِبِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فاتْلُوها﴾ هَلْ تَجِدُونَ فِيها تَحْرِيمَ لُحُومِ الإبِلِ وألْبانِها!
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب